-
.. مسجد سعد بن معاذ رضي الله عنه مسجد بني قريظة في العوالي بالمدينة المنورة. وبرأيي فإن الأجدر به: أن يسمى مسجد سعد بن معاذ الأنصاري -رضي الله عنه- لعلاقته بهذا المسجد علاقة مباشرة كما سيأتي. وهو من المساجد التي صلى فيها النبي -صلى الله عليه وسلم- إبان غزوة بني قريظة في السنة الخامسة من الهجرة. وقد بُني هذا المسجد على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والدليل على ذلك ما رواه الشيخان في “صحيحيهما” عن سيدنا أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: نزل أهل قريظة على حكم سعد بن معاذ، فأرسل النبي -صلى الله عليه وسلم إلى سعد، فأتى على حمار، فلما دنا من المسجد (يعني: مسجد بني قريظة) قال للأنصار: “قوموا إلى سيدكم أو خيركم، فقال: هؤلاء نزلوا على حكمك، فقال: تقتل مقاتلتهم، وتسبي ذراريهم. قال: قضيت بحكم الله، وربما قال بحكم الملك”. وفى هذا الحديث الشريف دليل صريح من رواية الصحابي الجليل سيدنا أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- صاحب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على وجود هذا المسجد معمورا حين جاء سيدنا سعد بن معاذ -رضي الله عنه- إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان فيه لأنه، قال: فلما (دنا من المسجد) قال النبي للأنصار: “قوموا إلى سيدكم” ولم يصل بعدُ إلى المسجد. وفيه أن المسجد كان عامرا في تلك اللحظة، وإلا لما ساغ له أن يقول: (فلما دنا من المسجد). وقوله: (فلما دنا من المسجد) يؤكد وجوده في تلك اللحظة والنبي -صلى الله عليه وسلم- فيه. ولم يزل المسجد مصانا معمورا، يعاد تعميره حتى جدد عمارته الإمام عمر بن عبد العزيز إبان ولايته للحرمين الشريفين في حدود سنة (87) من الهجرة الشريفة. فبناه بناء مليحا على صورة مسجد قباء في ذلك الوقت، وكان به ستة عشر عمودا ومحرابا كما ذكرها الإمام محمد بن النجار في تاريخه “الدرة الثمينة في أخبار المدينة”. ثم لم يزل معمورا إلى يومنا هذا، وكان آخر عمارة له هي من بناء الدولة العثمانية قبل عدة قرون. وكان بناؤه بناء محكما بالحجارة المطابقة، وفيه قِباب وأروقة، ومحراب جميل. وكان على جدرانه الخارجية شرفات جميلة مسننة، وبه باحة فسيحة خلف رواقه كما في صورته. وكانت الصلوات الخمس تقام فيه حتى العهد القريب. وموضعه معروف بالعوالى اليوم بالقُرب من طريق الحزام بعد المستشفى التأهيلي على يمين الطالع شرقا. وقد سماه بعض المؤرخين -سهوا أو جهلا- أنه مسجد الفضيخ، واشتهر عند بعض العوام بذلك، وهو خطأ. ولكن -للأسف- تمت إزالة وهدم هذا المسجد المبارك قريبا دون مراعاة لتاريخه، وفضله، ولا أدري ما هو السبب الذى يبيح إزالته، مع ثبوت صلاة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فيه، ومع ثبوت وجوده على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كما تؤكدها رواية “الصحيحين”. وأملى كبير في صاحب السمو الملكي، رئيس هيئة الآثار والسياحة، أن يوليه اهتمامه، ويعيد عمارة المسجد، وعلى نمط عمارته القديمة. وهو المرجو من سموه الكريم؛ حفاظا على آثار المدينة المنورة، ولا سيما مسجد هذا فضله، وشرفه، وتاريخه.. والله الموفق.
———————————————كاتب وباحث في تاريخ المساجد النبويةعضو رابطة الأدب الإسلامى العالمية
2
تبا لامة او ثقافة لا ترى فى اثار نبيها اهمية ولا تشارك فى دعمها ولو بكلمة واحدة
وكان املى ان لا تهمل الصور المصاحبة لتاريخ المسجد فى نشرها