عبدالرحمن الأحمدي

القرآنُ الكريمُ .. والوزيرانِ: عزَّامُ والعيسى!!

يظلُّ التَّعليمُ في أيِّ مكانٍ في العالمِ هو مِن أهمِّ الملفَّاتِ المطلوبِ إنجازُها، بل يُعَدُّ الملفَّ الأوَّلَ أهميَّةً؛ لأنَّ التَّعليمَ هو حاضرُ الأمَّةِ ومستقبلُها، وبه تُقاسُ من حيثُ تقدُّمُّها أو تأخرُها. ومن حيث مواكبتها لتطورات العصر.

وهنا في هذه الوطن الغالي المبارك كان ترجُّلُ الوزيرِ عزَّامٍ عن منصبِه بمثابةِ صدمةٍ لفريقٍ من المتعاطفين معه، وتَسَنُّمُ الوزيرِ العيسي منصبِهِ الجديدِ صدمةً لفريقٍ آخرَ من غير الرَّاغبين في شخصه.

وكلا الفريقينِ كانَ عَاطِفِيًّا؛ فالأحكام إنَّما تَصدُرُ على أعمال الأشخاص، لا على أشخاصهم أو شخصيَّاتهم.فما يعجبك اليوم ،قدلايعجبك غداً، فسبحان الله..!
فحينما نريدُ أن نحكمَ على عزَّامٍ يجبُ أن نَحكمَ عليه بموضوعية ووَفْق أرقام؛ بمعنى: ماذا قدَّم؟ وماذا أنجز؟ في عهده المنصرم على الرُّغم من قِصَرِ الفترة الزَّمنيَّة الممنوحَةِله.

وهنا في هذا الحيز الضيق نُذَكِّرُ ببعضٍ من إنجازاته على عَجلةٍ؛ وهي: إنشاءُ صحيفةِ عين الالكتُرونيَّة .. وقناةِ عين ..مبادرةُبعثتُكَ وظيفتُكَ .. فتح نظام المبادلة في حركةِ النَّقل الخارجي للمعلِّمين والمعلِّمات.. إنشاءُ برنامجٍ وطنيٍ وقائيٍ فَطِن.. إنشاءُ برنامجٍ أُسريٍّ لمنع العُنف رِفْق ، وغيرها من البرامج والمبادرات.

ويكفيه فخرًا وشرفًا وتِيْهًا من بين كلِّ ما ذُكر حُسنُ اهتمامِه بالقرآن الكريمِ في سماحِهِ بإنشاءِ العديدِ من الفصول الدِّراسيَّةِ في المدارسِ الحكوميَّة العامَّة وَفْقًا للضَّوابط.

أمَّا الوزيرُ العيسى؛ فالمجتمع استَبقَ الحكمَ عليه، على حدِّ المثل القائل: (لَيَالِي العِيد بَايْنَه مِن عَصَارِيْها) مِن حيثُ تصاريحُهُ السَّابقةِ حول القرآن الكريم بقوله: (إنَّ التَّركيز على الحفظِ والتَّلقين للقرآن الكريم كوسيلةٍ للتَّعليم ليس فضيلةً، بل هو مطلوب فقط للمتخصِّصين في العلوم الشَّرعيَّة وليس واجبًا على بناتِ وصِبيانِ المسلمين). وحول كتابه: إصلاح التَّعليم في السُّعوديَّة بين غِياب الرُّؤية السِّياسيَّة وتوجُّسِ الثَّقافةِ الدِّينيَّة وعَجزِ الإدارة التَّربويَّة، وبسببِ مسرحيَّتهِ وسطِيٌّ بَلا وسطيَّةٌ.

وحقيقةً كلُّ تلك الأشياء صدرت من شخصه، وعلى مسؤوليَّته الشَّخصيَّة، ولكن في تلك الفترة، لا يُمثِّل حقيقةً إلَّا نفسَه، وهذا صادرٌ عن رأيه الخاصِّ، وقناعاتِه الظَّرفيَّة، أمَّا الآن فهو رجلُ دولةٍ، يمثِّلُ وينفِّذُ بحرصٍ سياسةَ الدَّولةِ التَّعليميَّةِ، وأيُّ سياسةٍ للدَّولة تُجاهَ القرآن الكريم والاهتمام به!! فهذه مدارسُ التَّحفيظ، وهذه دُور الحِفظ، وهذان الحرمان يَصدحانِ بالذِّكر الحكيم فجرًا ومساءً، وهذه المسابقاتُ الدُّوليَّة والَّتي تُقام على أرض هذه البلاد الطَّاهرة الآمنة، وحتَّى ـ ولله الحمد على مستوى المجتمع ـ مكاتبِنا الرَّسميَّةِ، وعرباتِنا، ومنازلِنا، وحتَّى صدورِنا النقية، كلِّها تحمِل ـ بفضل الله ـ آياتٍ من القرآن الكريم وتَشرُفُ به.

فمِن غيرِ المعقول أن يأتيَ وزيرٌ من عُمق هذا المجتمع، ويصبحُ غيرَ مهتمٍّ بَفرْضِ كتاب الله حفظًا وتفسيرًا في الوسط التَّربويِّ والتَّعليميِّ، ولو كان كذلك لما استهلَّ بدايةَ منصبِه بلقاء المفتي العامِّ .. والاستماعِ لنصائحه، فمِن المؤكَّدِ أنَّه استأنسَ كثيرًا بتوجيهاتِ سماحتِهِ حولَ الاستضاءةِ بالشَّرع الحنيف في أفعاله وأقواله، وفي مُقدَّمِ ذلك بداهة دُستُورُنا الخالدُ الكتابُ المبينُ. (مَا العِلْمُ إِلَّاَ كِتَابُ اللهِ أَوْ أَثَرٌ … يَجْلُو بِنُوْرِ هُدَاهُ كُلِّ مُلْتَبِسِ …).

فلَا بدَّ من إعطاء أيِّ مسؤولٍ وقتًا من الزَّمن، خاصةًّ في وزارةٍ مثل وزارة التَّعليم، والَّتي تَحتاج إلى جُهودٍ حثيثةٍ .. وخدماتٍ متواصلةٍ.. وحلٍ لمعضلاتٍ كثيرةٍ .. ومشاكلَ مزمنةٍ، حتَّى يُقدِّمَ كُلَّ ما لديه من أفكارَ..ورُؤى .. ومقترحاتٍ وأعمالٍ .. ومبادراتٍ. فالعينُ تَرَى، والقلمُ اِنْبَرى. فلا نستعجلُ في الأحكام مُبَكِّرًا، فالأمر لا يزالُ بِكْرًا .. والرَّجل ـ والعهدة على الرَّاوي ـ لديه العديدُ من المشاريعِ، والأنشطةِ، والتَّطلُّعات الَّتي ستُساهم في دفع عجلةِ التَّعليم إلى مستوياتٍ تكونُ على قدرٍ جيِّدٍ من القناعاتِ.

فالتَّربية والتَّعليم تَستحِقُّ أن يُقدَّمَ لهما مَزيدًا من الدَّعم والمساندة. (يَا خَاطِبَ العَلْيَاءِ إِنَّ صَدَاقَهَا … صَعْبُ المَنَالِ عَلَى قَصِيْرِ البَاعِ).

مقالات ذات صلة

‫4 تعليقات

  1. السلام عليكم.
    الأستاذ الفاضل؛ إذا زكاة الإبل (ربع بدنة )مازالت تدرس في مناهج الابتدائية فأقول للوزير العيسى ريح نفسك فإن ملفات التعليم مهترئة وإذا حاولت أن تشيل ملف تناثرت جميع الملفات وثارت الأتربة ولربما اختنقت.

  2. لافض فوك استاذ عبد الرحمن فعلا قبل صب المكاييل من الاحكام لابد من إعطاء الوقت والفرصة لكل من نختلف معه في الرأي والرؤية فربما نلتقي معه في جزئية ما…

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى