مودة الفؤاد
الموتْ سُنة الحيَاة {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ} وأمَرنا دِيننا الحنِيف بدَفن الميتْ بَعد أنْ يُغسل ويُكفنْ ويُصلى عَلية {ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ} ولَا تنتهِي العِلاقة بَين الأموَات والأحيَاء بسَبب الوفَاة فيُنسون ويتركُون ، بَل هِيّ مُستَمرة ، فأجَاز الشَرع للأحيَاء مِن الرجَال زيَارة القبُور للسَلام عَلى الأموَات ، والدُعاء لهُم، فقَد رُوي عَن المصْطفى صَلى الله عَليه وسَلم أنّه قَال : ( كُنت نَهيتكم عَن زيَارة القبُور فزُوروها ) وقَد حَفظ الله للمَيت كرامَته،ونهَى عَلية الصَلاة والسَلام مِن وطأْ القبُور أوْ الجلُوس عَليها أوْ إتخَاذها طريقاً لأّن فِي ذَلك إسَاءة للأمْوات ، بَل أمَر بإزَالة
الأذَى عنهَا إذَا وصِل إليهَا ، ورَوى إبنْ عبَاس – رضي الله عنهما - عَن النَبي عَليه أفضَل الصَلاة والسَلام أنّه قَال (نِعم المقبَرة هَذه مقْبرة أهِل مَكة) .
وقَد أهتمَت أمَانة العَاصمة المقَدسة بهَا مُنذ أمَد بَعيد ، ومُنذ قدَين تَم تَجديد قبُورها ورُفعت عَن سَطح الأرضْ لكَي لَا يَتضرر الأمْوات بالميَاه المتَسربة إليهَا كونهَا تَقع فِي وادِي ، وفِي مُنتصف نهَاية عَام 1436ه أقِيم مشْروع لتَجديد صَالة إستقبَال العزَاء الذِي عَليه مُلاحظة بِحيث تَم رَفعه مَا يُقارب 40سم أوْ أكثَر فَأصبح مَدخل البَوابة مُرتفع ممَا يُتعب حَاملي الجنائِز ، وكذلِك الخُروج مِن الصَالة للمقْبرة ، وكَان الأوْلى جَعل أرضِية المدخَل كمَا هيّ ، ولمْ يَقتصر الأمْر عَلى ذَلك ، بَل تَم تَوسيع الصَالة مِن الجِهة الغربِية حتَى أصبَح جدَار الصَالة مُلاصق للحُوطه رقَم (9) ، فالتَوسعة لصَالة العزَاء التِي تَمت حَالياً تُقام عَلى قبُور ، وهذَا يَعني أنّ الأرْجل ستدُوس تِلك القبُور وتطأهَا ، وهذَا مُخالف لمـَا أمُرنا بِه بعَدم وطأْالقبُور إكرَاماً للأموَات ، فعَن بنْ عَامر – رَضي الله عَنه – قَال: قَال رسول الله صَلى الله عَليه وسَلم : ( لَأن أمْشي عَلى جَمرة أوْ سِيف أوْ أخصِف نَعلي بِرجلي وهُو أمْر عَسير جِداً أحَب إليْ مِن أنْ أمشِي عَلى قَبر مُسلم ... ) .
فَهل تتدَارك أمَانة العَاصمة إيقَاف تَوسعة الصَالة المقَامة عَلى قبُور ! وإعَادتها إلَى وضعهَا السَابق مُراعاة لحُرمة الأموَات .
ومَن أصْدق مِن الله قِيلاً {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَاتَفْضِيلاً}.
0