مسجد الفضيخ : ويعرف أيضًا بمسجد الشمس. وهو من المساجد التي صلى فيها رسول الله –صلى الله عليه وسلم- إبان غزوة بنى النضير في السنة الرابعة من الهجرة المباركة. ويشهد لذلك ما رواه الإمام عمر بن شبة فى تاريخه عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما-، قال : حاصر النبي بني النضير، فضرب قبته قريبًا من مسجد الفضيخ. وكان يصلي في موضع الفضيخ ست ليال، فلما حرمت الخمر خرج الخبر إلى أبي أيوب ونفر من الأنصار وهم يشربون فيه فضيخا، فحلوا وكاء السقاء فهراقوه فيه، وبذلك سمي مسجد الفضيخ . وقد بني على عهد رسول الله ويدل على بنائه على عهد رسول الله ما رواه العلامة أبو القاسم الزمخشرى فى تفسيره الكشاف . ورواه الإمام القاضي ناصر الدين البيضاوي فى تفسيره . ورواه العلامة إسماعيل حقي الخلوتى الحنفى فى تفسيره روح البيان. ورواه الإمام أبو إسحاق النيسابورى فى تفسيره الكشف والبيان، واللفظ هنا له فى تفسير قوله تعالى: للرجال نصيب، فقال : توفى أوس بن الصامت الأنصاري -رضي الله عنه-، وخلف زوجته أم كحة وثلاث بنات، فزوى ابنا عمه سويد وعرفطة ميراثه عنهن على سنة الجاهلية، فإنهم ما كانوا يورثون النساء والأطفال، ويقولون : إنما يرث من يحارب ويذب عن الحوزة، فجاءت أم كحة إلى رسول الله وهو في مسجد الفضيخ، فشكت إليه، فقال: ارجعي حتى أنظر ما يحدث الله. فنزلت هذه الآية (لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ) فبعث إليهما : لا تفرقا من مال أوس شيئًا، فإن الله قد جعل لهن نصيبا حتى يبين فنزل يوصيكم الله إلخ .. فأعطى أم كحة الثمن والبنات الثلثين، والباقي لابني العم. وروى الإمام ابن حجر فى كتابه العجاب، رواية مشابهة فى قصة أخرى: أن النساء أتين رسول الله وهو فى مسجد الفضيخ. وهذه الأحاديث كلها تدل على عمارته على عهد رسول الله كما تؤكد أن رسول الله لما أتته الشاكية تشكو إليه حرمانها من إرث زوجها كان فى مسجد الفضيخ، ولم يكن فى موضعه. وفيها أيضًا دليل : على أن هذه الآية نزلت على رسول الله وهو فى مسجد الفضيخ . ومسجد الفضيخ اليوم، قد أزيل تماما وليس له أي أثر اليوم. ولكن لا أرى على إزالته أي سبب مقنع أو مبرر يبيح ذلك، ولم يستغل لأمر محدد أو لازم له ضرورة شرعية. وموضعه اليوم معروف ومحدود قريبا من مسجد قباء .. وهذه صورته قبل إزالته بقباء . وأملى من صاحب السمو الملكى الأمير سلطان بن سلمان رئيس هيئة السياحة والآثار أن يبدى اهتمامه في إعادة بنائه من جديد وإحيائه وبنمط المساجد النبوية التى طالما أشرت إلى نسقها ونمطها في مقالات وبحوث سابقة. وألا يتم التوسع في عمارته ولكن بقدرما يحفظ للسيرة النبوية شواهدها، ويحفظ لمواطئ أقدام سيدنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مساجده ومواضع سجوده مواضعها وأماكنها. والله الموافق ..
كاتب وباحث في تاريخ المساجد النبوية
عضو رابطة الأدب الإسلامى العالمية
بما ان هذه الفوائد وهذه الروايات العظيمة التى تثبت وجود المسجد على عهد النبوة المبارك لم يذكرها احد ممن سبق ان كتب فى تاريخ هذا المسجد من المؤرخين المدنبين وحتى الامام ابن شبة ومن بعده كالمطرى وابن النجار والمراغى والسمهودى والسخاوى والعباسي والعياشي واخيرا الخيارى .. وقد ذكرتها فى كتابى المساجد ولاول مرة ولله الحمد والمنة ..