ما أن تبدأ الملتقيات الثقافية والأدبية فعالياتها في مناطق المملكة إلا ونشهد صراعات وخلافات تشوّه جمال الفعالية وتنقل صورة سلبية عن الثقافة السعودية. وأصبحت العملية متكررة على مدى الأعوام الماضية بدء من الجنادرية إلى سوق عكاظ ومعرض الكتاب في الرياض ومؤخرا في جدة وبعض اللقاءات التي تنظمها الأندية الأدبية. وحول هذه الظاهرة، طرحت (مكة) مجموعة من الأسئلة على عدد من رواد هذه الفعاليات والمعارض من الشعراء والأدباء السعوديين، لمعرفة أسباب الصراعات السلبية والطرق الممكنة لمعالجتها وإبراز الجانب الإيجابي منها. وأوضح الشاعر علي الدميني، أنَّ التيار المحافظ والمتشدد لا يقبل إلا بالاستحواذ على جميع المنابر حتى الهواء، يريد أن يتحكم فيه، ورغم ما يمتلكه من منابر في التعليم والجامعات والمساجد إلا أنه يود محاصرة المجتمع ضمن رؤيته المحافظة. وأكد الدميني أنَّ المجتمع يمر بمرحلة تطور في وعيه وفي رؤيته وفي مطالبه الثقافية والاجتماعية والحقوقية والسياسية ولا بد من الإصغاء لهذه المطالب التي من أبسطها إقامة الندوات والفعاليات الثقافية والفنية لمختلف الفنون. وأضاف “إذا أردنا أن ننصت لهذا الحراك الضخم الذي يحفل به مجتمعنا فلا بد من قانون يردع المتبرعين من التيار المتشدد بالاحتساب المجاني ويكفل للناس حقوقهم ومطالباتهم بضرورة حماية كافة الأنشطة الثقافية والفنية والاجتماعية والحقوقية لكي يولد جيل جديد أقل تشددا وتزمتا وتطرفا وإرهابا في نهاية المطاف”. ودعا الجهات المعنية، لأن تسارع بإصدار القوانين المنظمة لهذه الفعاليات وقطع الطريق على التيار المتشدد بتجريم أي اعتداء على أية فعالية ثقافية أو فنية أو اجتماعية.
أما الشاعرة هند المطيري، فعبَّرت عن أسفها من أن “تكون ملتقياتنا وأنشطتنا الثقافية محل جدل دائم، ومقرا للصراعات والخلافات التي لا تنتهي، يحصل هذا مع أن المصادر التاريخية تؤكد الطابع التنويري المتصاعد للثقافة العربية عبر العصور”. وأشارت المطيري، إلى أن “هذه الصراعات تجعلنا نعكس البوصلة ونعود للعصور الحجرية المتخلفة، والصراع عندنا بين تيارين متطرفين كل في اتجاه، ولا وجود للتيار المعتدل الذي نجده في كل الشعوب والأمم من حولنا، والتطرف في الوجهتين خطير جدا، تنشأ عنه تصرفات غير مسؤولة وانتهاكات للقوانين ولحرية الأشخاص، ما يجعل ملتقياتنا مستفزة ومثيرة للاحتقانات والعداوات”. واستدركت “لكن، مع ذلك، لكل مشكلة حلّ، وعلينا أن نهتم بالبحث عن الحلول قدر اهتمامنا بتشخيص المشكلة ووصفها، وأنا شخصيا أعتقد أن فرض القوانين المنظمة والضابطة للفعاليات الثقافية من شأنه أن يحمي المثقف والمؤسسة الثقافية، فالقوانين حين تسن بشكل واضح وصريح، وتشتمل على عقوبات معلنة للمعتدين، ثم توضع في أماكن واضحة على مداخل الصالات والأندية والمعارض، فإنها سوف تحد من التجاوزات غير المبررة، التي لا تكون غايتها إلا فرد العضلات وإثارة النعرات المتطرفة”.
ومن جهته، اعتبر الشاعر عبدالخالق خضران الزهراني، أنَّ “الصراعُ باقٍ ببقاءِ الحياةِ، فهوَ سُنَّةٌ لنْ تزولَ، ولكِنْ يصبِحُ هذا الصِّراعُ خطرًا عِندما يصبِحُ كلا المتصارعين يرفعُ شِعار (أنا الحقُّ المطلق وغيري هو الباطِل المطلَق) وهذا ما يحصُلُ للأسف أحيانًا لدينا في ساحتنا الثقافية، لا وِصايةَ لأحدٍ على أحَد إلا في حدودِ الحكمةِ والموعظةِ الحسنةِ التي ربَّما يفتقِدها أحيانًا التيّار المُحافِظ والذِي يجنِي عليهِ بعضُ المتشددين فيفقِدُ هذا التيار الكثير من التعاطفِ بسببِ بعضِ التصرفاتِ التي تضرُّ ولا تنفَع”. وأضاف الزهراني “أنا أعتقِدُ أنَّ هذه التصرُّفاتِ ناتجةٌ عنِ استفزازتٍ مِنْ بعضِ رموزِ التيّار الليبرالِي الذيْ يعجِبُهُم تشدُّدُ المتشدِّدين ليُلصِقواَ تهمةَ التشدُّدِ بكُلِّ مَنْ يقِفونُ ضِدَّ طرحِهم ومشروعِهِم”. وأبرز أن المسألةُ “في نظري ليستْ مسألةَ شاعرةٍ أو كاتبةٍ تُشارِكُ الرِّجال في أمسيةٍ أو ندوة دون حواجِز أو مسألة موسيقى .. إنَّما مسألةُ فرضِ قناعاتِ تُراد و فرضُ سيطَرة على المجتمع ، وكانَ المثالان السابقانِ رأس فتيل هذا الصِّراع ، هذا يريدُ الإشعال وهذا يريدُ الإطفاء”. واسترسل “أنَا بصفتِي متابِعٌ لهذا الصِّراعِ المحموم ولا أنسِبُ نفسِي لأيِّ تيَّارٍ مِنْ هؤلاء، أدعو الجميع إلى محاولةِ التعايش وأدعُو التيّار المحافِظ إلى عدمِ التشدُّد في المسائلِ الخلافية وأدعُو التيار الآخر إلى تفهُّمِ أسبابِ مخاوفِ أولئك والعمل على عدمِ استفزازِ مشاعرِهم بإلصاقِ تهمةِ التطرَّف والدعشنَة كما يقولون أحيانًا، وأسأل الله تعالى أنْ يؤلف بين القلوب ويصلح أحوال الجميع ويزيدنا تراحما وتلاحما ويقينا شر الانقسامات ويزقنا البصيرة وحسن العاقبة”.
اتفقوا جميعاً على سوء أفعال المحتسبين
فيجب على وزارة الثقافة الإهتمام بهذا الأمر
جميعهم أصابوا الهدف المنشود والذي ينتظره الشارع الثقافي المتطور
سلمت أناملهم وأنامل صحيفة مكة
المحافظون ليسوا طرفا بل هم الأصل وهم من يمثل هوية المجتمع وثقافته، بينما الطرف الليبرالي يتدثر بدثار الثقافة والأدب لتمرير ما يؤمن به من تمرد وانفلات، وهاهم لسنوات طويلة وهم متربعون على منصات الأندية الأدبية ومنابر الصحافة مالذي أضافوه غير جعجعة لا تسمن ولا تغني من أدب، وهاهم بعد سنوات طويلة من الردح الظلامي المصادم للقيم والثوابت يراوحون مكانهم إن لم يكونوا اندثروا فعلا.