عبدالرزاق حسنين

كفاية..هياط ودلع !

 الحمد لله على نعمة الإسلام الذي جعل العقل زينة للبشر، الحمد لله الذي أغدق علينا خيرات الأرض بما رحبت، الحمد لله الذي نقلنا من ظلمات الجهل الى النور المبين، بعد أن كنّا في ضيق من العيش إلى رغد من الرزق والأمان الذي يفتقدهما الكثيرون من حولنا، كل ذلك يُعيدنا إلى ماضٍ ليس ببعيد وتلك الطفرة الاقتصادية التي نعيشها بعد أن أنعم الله علينا بالنفط وما تبعه من قفزات في الصناعة وجميع مجالات الحياة، وقبل ذلك بناء الإنسان الذي يعتبر أساس عجلة بناء الأوطان، وهنا أخص به المواطن السعودي الذي عاش وترعرع على تراب جزيرة العرب من شمالها لجنوبها ومن شرقها لغربها، الحمد لله الذي وحد الوطن بالإسلام ورسم المنهاج السوي في كل مناحي الحياة على يد المغفور له بإذن الله صقر الجزيرة الملك عبدالعزيز بن عبد الرحمن آل سعود ومن بعده من أبنائه الكرام، الذين أولوا بناء الوطن جلّ اهتمامهم في خطط خمسية ركزت على الارتقاء بالبشر قبل الحجر؛ ليكون هدف كل الدراسات التنموية التي نتج عنها قيادات أصبحنا وأمسينا نفاخر بها في جميع المحافل المحلية والدولية، كل ذلك يستلزم منّا الشكر صعودًا إلى قوله تعالى: ﴿وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ ۖ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيد﴾، نعم إنه الشكر الذي يناقضه كفر النعم والبذخ الذي بدأ يتفشى في مجتمعاتنا الحاضرة منها والبادية الأمية منها والمتعلمة، وإن جاز لي أسميه “هياط” لتمادى البعض في تداوله بالصوت والصورة عبر وسائل التواصل التي تعاطينا جانبها السلبي بسوء استخدامنا لها، ومن أمثلة ذلك الهياط المتداول هذه الأيام: تلك الولائم المبالغ في ذبائحها وما يتبعها من إلقاء فائضها في مرمى الفضلات والقمائم في حين انتشار العديد من المؤسسات الخيرية التي تعمل على حفظ تلك النعمة الفائضة وتجميعها من الحفلات لتعيد ترتيبها وتوزيعها على المعوزين في المنطقة، ومن الهياط سكب دهن العود المشاع غلو ثمنه على اليدين بكميات أقرب إلى كفر النعمة بل وتجفيفة بالمناديل الورقية، وقد طالعنا في الآونة الأخيرة رجل أعمال أظنه “يداوي الناس وهو عليل” يعتلي مركبته متباهيًا بما يمتلكه من سيارات فاخرة هنا وفي دبي مصورًا نصائحه من داخل قصره الفاخر، والأبشع من ذلك تبنيه فكر التقشف والرخاء الذي يعيشه المواطن في هذا البلد المعطاء مكررًا القول: “كفاية دلع”، تلك العبارة التي استهجنها المجتمع من حوله بسخرية تذكره بما يمتلكه هو من ثروات استقطعها من خيرات البلد وأهله، وبكل أسف يشيد القول ويكيل المديح في إمارة دبي، وهنا أستوقفه لأؤكد له بأنني أفتخر بوطني وإنجازاته التي بنت الإنسان قبل الحجر، ولا يسعدني أن أنتمي لملهمته الشقيقة..! التي بنت الحجر بمسلحاته وأبراجه الشامخة برأس مال يديره الوافدون من جنوب آسيا وغيرها، ولا يخفى ما يشاع بأنهم المالكون لمعظم أسهم تلك المنشآت، وهذا وجه الخلاف الذي يجعلني أحمد الله وأفتخر بالقول: “ارفع رأسك أنت سعودي”، وأسأل ذلك الذي يطالبنا بتقوى الله والتوقف عن الدلع “إن كان يُجيب”: ماذا قدمت للوطن الذي تعيش وتتدلع أنت على خيراته بحياة مخملية؟ ، أما نحن الشعب فجاز لنا أن نتدلع على قيادتنا السعودية التي وهبتنا حُبًا، نبادلها به حُبًا وولاء تحت راية التوحيد، ولقد لحقت موجة الهياط من نعتبرهم قدوة ومربين لفلذات أكبادنا، فذلك معلم يلتقط صور تقديمه القهوة والتمر للطلاب داخل قاعة الاختبار والآخر يقدم لهم الطعام والثالث يصور حاله وهو يغسل وجه تلميذه و.. و.. ، ولهؤلاء المعلمين أقول: كفى هياطًا واستخفافًا بالمهنة التي شرفكم الله بها، فأبناؤنا في حاجة للتربية والعلم الذي أؤتمنتم عليه وتسترزقون منه قوت حياتكم، ولمن أراد ذلك الدور فليغادر معاقل التعليم ويمتهن خدمة البوفيهات والمطاعم المنتشرة في كل ناصية وشارع، ولهؤلاء المتبطرين بالنعمة الذين يعيشون الهياط، أين نحن من قوله تعالى: ﴿يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا ۚ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ﴾، ولنتأمل العبر من قصص القرآن وعذاب الله لمن كفر بالنعمة مثل “قارون” وغيره ، قال تعالى: ﴿وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ﴾، ولنتذكر شعوبًا من حولنا يشتكون الجوع وينبشون لأجله أكوام القمائم بحثًا عن فضلاتكم التي تشاركهم فيها الكلاب الضالة والحشرات، ومع ذلك يحمدون الله على أن سدوا رمق جوعهم وعطش عيالهم بعد يوم شاق ملئ بالعثرات، نعم إنه هياط لمن ذكرهم الله تعالى في كتابه:﴿وَإِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا﴾ وجاز لنا أن نسألهم: من أين لكم هذا ؟ ولنحاسب أنفسنا قبل أن يحاسبنا الله سبحانه، وختامًا نحمد الله ونشكره أن وهبنا من خيرات السماوات والأرض تحت راية الإسلام بقيادة سعودية صادقة حكيمة تسعى لرفاهية الشعب وسلامته وأمنه، نعم سلمان الحزم وميزانية الخير والحزم شاهد ودليل..

عبدالرزاق سعيد حسنين

تربوي - كاتب صحفي

مقالات ذات صلة

‫3 تعليقات

  1. نعم لنا حق الدلع وندلع على حكومتنا لانها هي حاضتنتنا ونحن أبنائها وكفى ياصاحب المبدأ والضمير

  2. لاتتهموا الناس بدون دليل الاخ صبحي بترجي من الناس الطيبين الخيرين في بلدنا ومن الناس الذين يتقدمون في اعمال الخير الخفية طالب من الله الاجر

  3. مع إحتراماتي.. كلنا بعون الله نفعل الخير ونطلب من الله سبحانه الأجر.. ولكن بلا هياط وتباهي ودلع.. وعلى المرء أن يبدء النصيحة بنفسه ومن يعول.. إذ لا يمكن وليس من المعقول أن أداوي الناس وأنا عليل .. التقشف مطلب في هذه المرحلة.. ولا نزايد على بعضنا في حب الوطن..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى