ذاتَ يومٍ ..
[COLOR=blue]أفقنا على فجرٍ يومٍ صبي … فيا ضَحَواتِ المنى إِطْربيوسرنا حشودا تموجُ الدروبُ … بأفواج ميلادنا الأنجبِ
وشعباً يدوي هي المعجزات … مُهُودي وسيف المثنى أبي
أضأنا المدى قبل أن تَسْتَشِفَّ … رؤى الفجرِ أَخْيِلَةُ الكوكبِ[/COLOR]
كان ذلكَ في أولِ الميزان من عام 1351هـ… حين أعلنَ صقرُ الجزيرةِ وإمام التوحيدِ الملك عبدالعزيز آ ل سعود قيامَ دولةٍ فتيةٍ ناهضةٍ هي المملكةُ العربية السعوديةُ .
ومنذ ذلك الوقتِ وهذا اليوم العظيم يقفُ شامخاً في التاريخِ كالمَنْبَهَةِ على حكايةِ بطولةٍ، وقصةِ كفاحِ، وتاريخ عصاميةٍ وإنجازٍ.
وقد جرتْ عادةُ المتكلمين والكتاب أن يتحدثوا عن اليوم الوطنيٍّ باعتبارِهِ (ماضياً) نفخرُ به، ولكنني أريد في كلمتي هذه أن أعكسَ القضية، وأتحدث عن اليوم الوطنيِّ باعتبارِهِ (مستقبلاً) نرنو إليه! وليس من عجب أن يكون ( الماضي ) ( مستقبلاً )، فالماضي الحيُّ في قلوب أصحابه هو الدافعُ الأول نحو مستقبل مشرقٍ.
[COLOR=crimson]ترى .. ما الذي يعلمنا إياه اليوم الوطنيُّ السعوديُّ من دروسٍ لمستقبلنا ؟[/COLOR] إنَّ أول درسٍ هو اللُّحْمةُ الواشجةُ في هذه البلادِ بين ( عقيدتها ) و ( حضارتها )، فالشعار الأول الذي رفعه الملك عبدالعزيز في سياق توحيد هذه البلاد هو شعار (التوحيد)، والعلمُ الذي اختاره رحمه الله لهذه البلاد هو علم ( التوحيد )، والمرجعيةُ التي ارتضاها لهذه البلاد هي مرجعيةُ (التوحيد).. وعلى هذا درجَ الأبناء والأحفادُ، إنَّهُ لقدرٌ لهذه البلاد أن تكون بلادَ الإسلام، فباسم الإسلام نهضت، وباسمه استحقت مكانتها الكبرى، وباسمه تزيَّن دستورها، وباسمه حكَم قضاؤها، وباسمه فاخرَ ملوكها وأمراؤها، [COLOR=crimson]فأنَّى يتوهَّم متوهمٌ أنه يمكنُ أن يكون لهذه البلاد مستقبلٌ في ظلٍّ غير ظلِّ الإسلام ؟[/COLOR]والواجبُ على من وعى حقيقة اليوم الوطنيّ أن يتفطّن لهذه المسألة وأن يعلمَ يقيناً أن هذه البلاد كلما تمسكتْ بإسلامها – بشموليته وسماحته ووسطيته واعتداله – كلما كانت أثبتَ خُطىً في طريق النماءِ والحضارة .
والدرس الثاني الذي يعلمنا إياه اليوم الوطنيُّ لمستقبلنا هو درس ( الإنسان ) ، نعم الإنسان ، فالذين أسسوا هذه البلاد لم يكونوا كثيري عدةٍ ولا عتادٍ، كانوا قلةً مؤمنةً، زادها قليل، وعونُها قليل، ولكنهم كانوا ( رجالاً ) بكل ما تعنيه هذه الكلمةُ. كان كلٌّ منهم (إنساناً) يعي دوره، ويعرف مسؤوليته، ولديه استعداد للتضحيةِ من أجل أداء الواجبِ، وبذلك نُصِروا وكوّنوا هذا الكيان .. واليوم .. مع ما أفاء الله على بلادنا من خيراتٍ ونعم يبقى ( الإنسان ) هو تحدّينا الحقيقيّ، [COLOR=crimson]فهل سنفلحُ في صناعة ( الإنسان السعوديّ) الذي يبنى لمستقبله مثل ما بنى آباؤه لحاضره ؟[/COLOR]
والدرس الثالث المستقبليُّ هو درسُ التطوير، فخلال بضع وسبعين سنةً منذُ أعلنَ الملك عبدالعزيز توحيد هذه البلادِ انتقلت المملكةُ من باديةٍ مترامية الأطراف إلى دولةٍ متحضرةٍ تُعدُّ شامةً في جبين الخليج بل العالم العربيّ، تحوَّلَ البدويُّ الشهمُ البسيطُ إلى طبيبٍ ومهندسٍ ومعماريٍّ ومخترعٍ، وانتقلت المملكةُ من صحراء مقفرةٍ إلى دولةٍ تمتلك أسس الحضارة ومقومات التطور .
[COLOR=crimson]في ظني ..[/COLOR]أنَّ قيمة اليوم الوطني ستتضاعف أضعافاً كثيرة حين نستحضر هذه الدروس الثلاثة ونجعلها نبراساً يضيء لنا طريق المستقبل.
ونحنُ في جامعة أم القرى نحاول استلهام هذه الدروس من خلالِ جملةٍ من المشاريع المستقبلية التي ترسِّخ الهوية الإسلامية، وتبني الإنسان، وتأخذ بآليات التطوير .
ومن هذه المشاريع :
– تكثيف البرامج التوعوية والتدريبية التي تقدّم للمجتمع بعامةٍ، مما يجعل الجامعة منبراً إرشادياً مهماً.
– تنفيذ برامج تبرز الهوية المكية باعتبارها جزءاً من جماليات الكيان السعودي المتكامل، ومن ذلك فكرة عمل ( حارة مكية ) تتضمن فندقاً وقاعة محاضرات وأسواقاً شعبيةً.
– تطوير المرافق التي تخدم النشاط اللاصفي الطلابي، وتهيئ للطالب بيئة مناسبة للتكوين الديني والعلمي والعملي، ومن ذلك :
o إنشاء قرية رياضية متكاملة تتضمن ملاعب مفتوحة وصالة رياضية .
o إنشاء معسكر دائم للجوالة .
o استكمال الساحة الأكاديمية للطلاب، ومركز الأنشطة .
– تطوير البنية التحتية للجامعة من خلال إضافة مرافق ومبانٍ وتجهيزات، ومن ذلك :
o استكمال شبكات البنية التحتية .
o إضافة حوالي 300 فصل تم طرحها بطاقة استيعابية تبلغ 12 ألف طالب في الساعة الواحدة.
o الانتهاء قريباً من المباني الجديدة لعدد من الكليات والإدارات منها : الإدارة العامة، و كلية الحاسب الآلي، وكلية العلوم الطبية التطبيقية، وكلية الصيدلة، وكلية العلوم (بنات)، ومعامل الطب، إضافة إلى خمس مبانٍ جديدة للطالبات بالعابدية.
كل هذه المشاريع هي طموحاتٌ أخذت طريقها للتنفيذ، وبعضها لم يبق على نَجَازِهِ وتمامه إلا الوقت اليسير، ومن الجميل أن أشير إلى هذه الإنجازات في يوم الوطن لأنّها في الحقيقة من منجزات الوطن.
مدير جامعة أم القرى[/COLOR][/ALIGN]