المقالات

اضرط وظيفة !!

 لم ينكأ جرحًا غائرًا في صدري مثل مانكأه عامل يمني بسيط في مطعمي الذي أخرج الشيب في رأسي قبيل افتتاحه.. كنت قد عزمت النية واقترضت المال من أجل هذا المشروع الذي أزعم أنه المشروع الأجدر لعقول بني يعرب فنحن أمة أصبح أكبر همها ملىء كرشها. وأخذت أدرس كل جوانب الخسارة والربح وكل شاردة وواردة؛ كي لا أقع في أخطاء الآخرين وعزمت النية على ذلك، وتعاقدت مع خمس جنسيات عربية في محاولة مني لعدم تكتل أبناء الجنسية الواحدة ولعمري كان قرارًا خاطئًا بكل المعاني .. إذ تفاجأت أن السوري لايحب اليمني والمصري لايحب السوري والمغربي لايحب البقية جميعًا وأنا بينهما العدو الأكبر. وأصبح عملي اليومي يتركز على كيفية إقناع كل الأطراف بحل النزاع اليومي السخيف، والذي يصل بسخافته إلى حد التراشق بينهما بالكلام من أجل فص ثوم أحيانا. ولم أجد من بد سوى التعامل معهم على طريقة فرق تسد . فكنت أجمع السوريين على التراضي مع اليمنيين لأتفاجأ بالمصريين قد شنوا حربًا مباغتة ضد السوريين ومما يزيد الطين بلة أن المغاربة يهذرون بالحكي بلهجتهم التي بالكاد أستطيع لملمة حروفها ولاأعلم إن كنت مشمولًا كل يوم بشتائمهم أما لا.. هكذا يبدأ عملي صباح كل يوم إلى منتصف الليل. . الآن أيقنت أن اضرط وظيفة على وجه الأرض هي وظيفة أمين عام جامعة الدول العربية. إذا منذ إنشاء تلكم الجامعة لم تستطع حل قضية واحدة من قضايا أمتنا وأصبحنا شعوبًا عربية نتشفى من بعضنا البعض في كل شاردة وواردة. فكان للعامل اليمني البسيط حكمة أفرزت من صدري ماكنت أختلجه لسنوات حين قال. أنت تتعب نفسك معنا .. نحن شعوب لم تجمعنا طاولة مفاوضات لحل قضايانا من اليمن إلى ليبيا؛ فهل سيجمع قلوبنا مطعمك؟ العرب لايصلح لهم إلا العصا فهم يخافون ويرهبون من الشدة وإن أرخيت لهم عينًا صعدوا على ظهرك.. هذه الكلمات البسيطة من عامل أمي كانت جوابًا شافيًا لي في كيفيه معالجة بقية أموري في العمل. وحين دلفت معهم وشمرت عن ساعدي لأشاركهم العون في التحضير واستقبال الزبائن كانوا يتلامزون. . “سعودي شو فهمه” “أو تشتي تتعلم صنعتنا ” أو ” ايه ياعم البيه العب بعيد” كل تلكم الكلمات وتلكم الحروب الطاحنة تبرز من أجل التنافس غير الشريف بينهم، وهذا ينطبق تمامًا إذا مايحدث في مطعمي يحدث في جامعة الدول العربية .. ولا أزيد …..

عبدالله عيسى الشريف

مقالات ذات صلة

‫4 تعليقات

  1. احسنت في قراءة الواقع المرير بدءاً من مطعمك الصغير إلى المطعم العربي الكبير !

    اختلفت الوجبات والنكهات والجنسيات واتفقت أن ذائقة الكرامة العربية واحده لا تتعدى ملء الكرش ورفاهية الفرش !

    جلد الذات أرهقنا أيها الكاتب وتجاربنا اليومية معاد نشرها بعناوين مختلفه والحال مستمر وربما إلى أسوأ مما نظن !

    شكراً لك اخي الكاتب

  2. (اشراف العرب) لم تستطع لم شملها في مطعم
    فأنى ( لنا ) أن نستطيع ذلك في جامعتهم !!

  3. هههههه التشبيه قوي
    •اللّـہ̣̥ المستعان
    حال الأمه ما راح ينصلح إلا بوحدة الصف
    ووحدة الكلمة .

  4. المقال جميل ورائع وتمنيت لو كان اطول لنستمتع بالقراءه
    والتشبيه فعلاً في الصميم .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى