المقالات

الصفويون الجدد ومعركة جالديران

في صدر الإسلام وبعد كل هزيمة لهم على أرض المعارك ومع استسلامهم لأسود محمد عليه وعلى آله صلوات ربي وسلامه وهزائمهم المتكررة على يد أصحابه -رضوان الله عليهم- كان الفرس المجوس الساسانيون ينقضون العهود، ويتمردون مرةً بعد مرة، ويعاودون الكرة بعد الكرة ولا يتوقفون أبدًا. قيل لصلاح الدين الأيوبي “تقاتل الشيعة وتترك الروم الصليبيين يحتلون القدس؟” فأجاب -رحمه الله- :”لا أقاتل الصليبيين وظهري مكشوف للشيعة”. تاريخيًّا كان أهل السنة شوافعًا وأحنافًا هم المكون الأكثر والرئيس، وكان الشيعة هم الأقلية في بلاد فارس، ولكن لما وصل إسماعيل الصفوي إلى الحكم سنة 907هـ أجبر أهل السنة على التشيع حين خيّرهم بينه وبين الموت. يقول أحد الباحثين متحدثًا عن حكم الصفويين لإيران والعراق: (يكفي أن نذكر هنا أن هذا الرجل (الشاه إسماعيل الصفوي) عمد إلى فرض التشيع على الإيرانيين بالقوة، وجعل شعاره سب الخلفاء الثلاثة. وكان شديد الحماس في ذلك سفاكًا للدم لا يتردد أن يأمر بذبح كل من يخالف أمره أو لا يُجاريه. وقد قيل إن عدد قتلاه بلغ مليون إنسان سني”). إن تاريخ الدولة الصفوية في تلك المنطقة مثل منعطفًا مهمًا في تاريخها، فبعد قيامها صار المذهب الشيعي الاثناعشري مذهبًا رسميًّا لها، وكانت له آثاره البعيدة في تاريخ إيران بشكل خاص، وعلى تاريخ العالم الإسلامي بشكل عام. من أهم ما أضافه العصر الصفوي إلى المكتبة الشيعية في حقل الدراسات الفقهية والعلوم المهيئة لها كتاب (وسائل الشيعة) للحر العاملي، وكتاب (الوافي) للفيض الكاشاني، و(بحار الأنوار) للمجلسي. وقد أكملت سلسلة كتب الحديث الأربعة القديمة، ذات القيمة التاريخية لفقه الإمامية وتطوره. وقعت معركة جالديران بين السلطان العثماني “سليم الأول” و”إسماعيل الصفوي” مؤسس الدولة الصفوية قبل خمسة قرون، وانتصر فيها العثمانيون وفرّ الصفويون من الموت في تلك المعركة، وكان من أبرز نتائجها أن توقف المد الصفوي لمدة قرن من الزمان، وتوقفت شروره على العالم الإسلامي. تاريخ الفرس والمجوس عبدة النار الحافل بالدسائس والمؤمرات وشق الصف ليس وليد هذا العصر، بل إنهم ومنذ قرون يمثلون وبشكل دائم خنجرًا مسمومًا في خاصرة المسلمين، ودائمًا كان أنجاس الفرس ومجوسيها وراء كل ما يُحاك ضد أمة محمد -صلى الله عليه وآله وسلم- وضد أي تمدد لها وخلف أي صراع بين أبناءها، ومن لا يريد أن يصدق فليرجع لكتب التاريخ وإذا لم يقتنع؛ فليشرب من البحر. من لا يقرأ التاريخ جيدًا حتمًا لن يجيد ترتيب حاضره وتصحيح أخطاءه، ومن المؤكد أيضًا أنه لن يجيد التخطيط لمستقبله، و”المؤمن لا يلدغ من جحر مرتين”. تاريخ هؤلاء القوم أسود مع المسلمين وركوبهم وعلى مدى قرون لموجة “التشيع” كان هدفه الرئيسي هو تفتيت وتفكيك هذه الأمة، ومنذ زمن بعيد ولايزالون على نفس المنهج وعلى ذات الخطط. هل يُعيد التاريخ نفسه ونتنبه لأحفاد هذا الصفوي، ويعيد التاريخ معركة جالديران من جديد ونهزمهم مرةً أخرى؟!

مقالات ذات صلة

‫2 تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى