تجلى إبداع العرب في توصيف ماهية الحب، ومفهوم العشق، وفاقوا فلسفة الحب الأفلاطوني، في دراسة عمق النفس الإنسانية، ورسموا للحب صورة وجدانية راقية؛ فحكماء العشاق، اتفقوا أن أول مراتبه السماع والنظر، وينتهي بقمة الحب الوله، وينمو ويستمر بقداسة العفة، وأوجدوا إطارًا للحب يضم البواعث إلى المظاهر، والعلامات إلى النتائج، ورصدوا تأثيره بسمو الروح، وصفاء النفس، ورقة الأحاسيس؛ فأجلاف العرب، إذا حبوا رقت قلوبهم، وصفت أذهانهم، وشرفت نفوسهم، وعلت هممهم؛ فينطقون عذوبة وحكمة شعرا ونثرًا، ونستشهد بتباريح عاشق يبوح بما يجد فيقول: الحب لا يخفى، وإن أخفيته، … إن البكاء على المُحبّ نَموم الحب فيه حلاوةٌ ومَرارةٌ، … والحب فيه شقاوةٌ ونعيم الحب أهون ما يكون مُبرِّحٌ، … والحب أصغر ما يكون عظيم.
0