سأطيح بكراسيكم
(1)
( جنين النانو)
قربَ أوراق الخريف الساقطة، اهتز القلب وبدا عاريا، ازدهرَ الربيع، وراح يزهو كل شيء بلا توخٍ ! الآمال تكبر والخطوة تصغر قرب أوراق أمالتها الريح عن زمانها. في فرح محفوف بالمخاطر تنتصر الأوراق وتتصدر الصباح ضحكة للملكة. تجلس على عرشها وينجرف القلب، في أول الحوار (زين لهم ذلك الحوار.. ) تنتبذ ركن لها و الجسد الخوار يموء، وبدأ ينمو في حركة ناعسة الجنين، حبلى الملكة من الشيخ العقيم “يحيي العظام وهي رميم”.
وكان.. لم يأتها المخاض فتشكلت الروح، تسائل الذات : تُراه حلماً ؟
ألد من شيخ عقيم ؟ !
وكان : وقد أَلفَيتْه جَسَداً هامِداً !
خَفَتَ ساكناً والنَأْمَة تأخذها ! وصَمَّ صَدَاهُما في الموت الأخير.. سكن منذ نَسيسه كل شئ، خف النبض والحبض في عرشها. نظرت إليها – إلى بطنها- وقد انتفخت، رفعت الثوب في استحياء، وهي مُسجية على السرير ملفوفة بقميصها الحلبي الحرير (وقد حملت).. حملت المرأة من حوار !
آهٍ : احملوا نعشي على آلتكم الحدباء،
احملوا موتي وادرجوني في قبري مع الأنين، مع الجنين.
كيف؟ تتساءل، وأنا العاقرة ؟ تغلق قلبها، وتفتح عينيها على المعنى، كل شئ ينفي النفي، لاسيما التوكيد.
جاءت الملائكة وكفنوها، ثم أدرجوا المسك في الميدان على الجسد الناصع، في كفنٍ من ورد اللوتس ومياسم الياسمين. انزلوها الحفرة، وارتفع صوت النسوة، يرددن : ” مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا “
أُرهِنَ رَمْسَها في لحدٍ يسعها وحملها، فسدوا التراب في الضريح
: أهيلوا على الجنين النحيب، أألد وأنا العقيم؟
لفوها بمئات الأمتار من الكتان بتمائم وتعاويذ مبهمة ليس في ميسورها فهمها ، وجاءَ صف آخر من الملائكة، دكوا عليها الثرى، ووضعوا صدرها على صدر الجنين.. نفضوا ماعلق فوق الأجنحة من تعاويذ، وخدها على التراب ينام مع قلب الجنين، جففوا الجسد ورفعوا شعرها الطويل، عصبوا العينين بخرقة ووضعوهما على منضدة، غطوها بالنطرون وملح من الصحراء المجاورة للأعراب. سار الأول وكان يرتدي قناعا لحيوان ابن آوى بعد ان تبصرته ( أنوبيس)،
ارتهنت المضجع، وأضمرتها الأرض بعد أن غيبوها في الحفرة ، بغربة الأرض في أول الخريف،
انطوى الحوار والجنين، وراحت تغرق في التراب والترانيم السحرية تملأ المكان !
أيها الموت الأبيض، أيها العافية، أيها الزُؤَاف هل الساعة آتية؟ وأفشى الموت سره:
صمتَ القبر، سوى، توسل منها أن يتركوا قلبها داخل الجسد قرب أنين الجنين.
والضجيج يعلو الأرض بقرب قبرها. كاد الناس يتدافعون في عجل وآخرين يغادرون، يتهامسون في ضجيج علا .
في موتها، قرب أوراق الخريف: (عيني على الجنين الذي مضى برعما، موتاً شاحباً سابقاً أجَلَهُ)
انفتحت الساق عن ترجل للمارين، فوق قبرها
والتفت الساق بالساق إلى المساق.
! أيها الشيخ الجميل يا من أحببت : كان جنينا فَرَطا
سكنت في لحدٍ غريب غادرتها الملائكة، وتمتمت الآلهة.. أصم صداهما وقطعت الأسباب،
الميتة ثكلى، الثورة حبلى في التراب بظل ذكرى الجنين،
ايُّها النانو : أأحمل من حوار..؟
(خارج النص : أخبرت أن عمر الجنين ناهز الشهرين والنصف، قبل موتهما)* الزمن: الخريف العربي 2012