يعد تنظيم داعش الإرهابي تنظيمًا غريبًا ونسيجًا وحده من بين التنظيمات السرية التي كانت تعمل في الخفاء، ثم ظهرت فجأة وأثارت دهشة العالم وقلقه أجمع، وإن عدم وجود دراسة علمية نفسية موسعة لهذا التنظيم أحد أهم إخفاقات العالم في القضاء عليه بشكل تام، وتكمن خطورته في كونه يستخدم كل التقنيات في استغلال صغار السن والنساء وضعاف العقول، واستقطاب كوادر علمية مهمة قد لا ينقصهـا الذكاء بقدر ما ينقصهـا من القدرة على التكيف مع المجتمع . إن الدراسات النفسية المعمقة لهذ الفكر هو أهم ما ينقص أجهزة مكافحة التنظيمات الإرهابية العربية والغربية على السواء، بل هو أحد أبرز أسباب انتشاره وتوسعه . والمتابع لهذه الحركة يلحظ إنها حركة تتميز بالدموية والوحشية والرغبة في الانتقام أكثر من حركات الإرهاب الأخرى التي عرفهـا العالم، ولاشك إن الدعم السري الذي قدم لهـا حتى من بعض الدول التي تتظاهر بمحاربتهـا كان أهم أسباب انتشارهـا وتمددهـا؛ إضافة إلى التفكك والتشرذم العربي وضعف الدولتين العراقية والسورية مع اليمنية. ولايحتاج هذا إلى تأمل عميق لكن مايحتاج إلى دراسة أكثر وتأمل أكبر هو الحالة النفسية لأقطاب التنظيم واستغلاله لضعاف النفوس والمرضى النفسيين بوسائل وتقنيات عالية الدقة وآلة إعلامية قوية مدعومة بشكل مريب واستقطابهم؛ لينضموا تحت لوائه وبعض المغرر بهم من حديثي العهد بالإسلام، والذين قد يكون دخولهم في الإسلام أصلًا عن طريق جماعات متشددة أو تكفيرية وحالة الفراغ النفسي والملل من الحياة المعقدة التي جربها بعض المسلمين الجدد في الغرب وغيرهم من المنضوين تحت لواء التنظيم، والذين ظنوا إنهم سيذهبون في نزهة مع داعش ودولة توفر لهم الأمن النفسي المفقود، ولا أشك إن كثيرًا من الذين اكتشفوا داعش من الداخل بعد الانضواء تحت لوائه حاولوا الهرب دون جدوى نظرًا لوحشية النظام وتهديدهم بمصير مقطعي الأعناق . فمن أهم أسباب انتشاره هو عدم وجود دراسات علمية وأكاديمية موسعة عنه وصعوبة اختراق هذا التنظيم من قبل الدارسين. ولاشك إن كل التنظيمات الإرهابية مخترقة من أجهزة استخبارات عالمية بما فيهـا تنظيم القاعدة وداعش، لكن تختلف نسبة الاختراق من جماعة إلى أخرى . إن الجهل بحقيقة التنظيم النفسية أسهم في نموه سرًا وجهرًا، وتمدده كسرطان خبيث لايمكن استئصاله، بل قد يزيد من فترة بقائه ونموه لسنواتٍ طويلة.
0