المقالات

مبدعون أم سارقون؟

طبيعة التأليف والكتابة، على وجه الخصوص، أنها تعتمد على الأفكار، بل وتوظيفها أو النظر لها من زاوية مختلفة عن الآخرين، عندما يتوقف المؤلف أو الكاتب، عن توليد الأفكار فهو في الحقيقة يكون قد توقف عن تقديم الجديد، وعندما يكون لا جديد فيما يقدمه ويكتبه، يصبح منجزه اعتيادياً، وهو ما يتنافى مع التطور والتميز الأدبي الذي يقوم الإبداع فيه على التفرد واستلهام الحديث.
هذه الحاجة الملحة في مجال الكتابة والتأليف، هي أهم خصلة قد يعانيها كل من يتوجه نحو هذا المضمار، لذا دوماً تجد كل مبدع يجد زاده وراحته في القراءة، لأن القراءة واحدة من أهم مصادر الفكر الجديد وتطوير الفكرة، بل هي المخزون الطبيعي للنزف الكتابي.
البعض وأشدد على كلمة البعض، ممن يريد احتراف هذا المضمار، يخطئ تماماً في توجهه وفي رؤيته وطريقته نحو توليد الأفكار التي يحاول طرحها والكتابة عنها، بل في الحقيقة يضل الطريق تماماً، فهو لا يذهب نحو القراءة كمورد طبيعي وحقيقي في مجاله، بل يذهب للسطو على أفكار الآخرين، وأقصد تحديداً بكلمة السطو، أخذ الفكرة ثم البناء عليها أو طرحها بشكل مغاير ومختلف عن الكاتب الذي سبقه لها، هنا سيكون بعيد عن السرقة الأدبية، فهو لم يأخذ نصاً كما هو، لكنه أخذ فكرة المقال، أو فكرة الرواية أو فكرة القصيدة الشعرية أو فكرة القصة، وكتبها بأسلوب مختلف وطرح مختلف وبكلمات مختلفة، لكن جوهر هذا المنجز، لا يعدو أن يكون مسخاً مكرراً لا أكثر ولا أقل.

مقالات ذات صلة

‫4 تعليقات

  1. حقيقة..
    هنا في هذا المقال.. وضعتنا الكاتبة القديرة على مكمن الحل في ماهية الاستمرار في الابداع الكتابي .. وهي متمثلة في سبب رئيس..ألا وهو القراءة الدائمة من أجل ابتكار الأفكار لا من أجل تكرارها.
    الشكر والتقدير للكاتبة.

  2. تحياتي للكاتبة الوقورة..ضمن كوكبة أقلام صحيفة مكة الإلكترونية..مقال جميل فيه إحساس بمعاناة من يمسك قلماً حراً بعبر عن صوت المواطن.. وإن جاز لي أسألها عن معاناتها هي التي دفعتها لتكرار فكرة المقال بما قبله.. مع أنني أشاركها الرأي فيما سطرته..إحتراماتي

  3. تحيّة طيّبة للأستاذة فاطمة و للقرّاء الأعزّة!
    فعلًا جميع الكتّاب الذين يكسبون ثقة القرّاء هُم يحترمون القراءة الجادّة و المكثّفة في جميع اتّجاهات المعرفة.. و الدافع النفسيّ و المحفّز لهم على ذلك هو حبّ الاطّلاع الذي يميّز جميع مَن أنعم الله عليهم بحبّ الازدياد من العلم! و من أهمّهم تاريخيًّا طيّب الذكر أبو الطّيّب – الذي اتّهم من قبل أعدائه بالمتنبّئ!!! – فيقول:
    و خيرُ جليسٍ في الزمان (الأنامِ) كتابُ
    و لذلك امتلأ شعره بالحكمة التي تُسقى بالتجارب الكثيرة.. فكلّ كتاب يقرأه الإنسان هو خلاصة تجارب جرّبها كاتب الكتاب أو خلاصة مشاعر شعر بها الشاعر: إن كان شاعرًا حقًّا و ليس شويعرًا: فالشعر ليس شكلًا و قافية بل هو محتوى قبل كلّ شيء!
    فيقول أبو الطيّب في قصيدته: لا افتخار إلّا لمن لا يُضام:
    ذلّ مَن يغبط الذليل بعيش رُبَ عيش أخفّ منه الحِمام (= الموت)
    كلّ حِلم أتى بغير اقتدار حُجَّة لاجئ إليها اللئامُ!!!
    فالجبان اللئيم يتظاهر بالسماحة و العفو عن الناس لإخفاء جبنه.. فالعفو يكون عند مقدرة الإنسان على الاختيار بين إنفاذ العقاب أو العدول عته.. و الجبان يُريح نفسه فلا يُعدّ ما يستطيع للوصول إلى مستوى يكون قادرًا فيه على القصاص فيستمرّ في كسله و يتحايل على نفسه بأنّ عدم دفاعه عن نفسه هو سماحة من نفسه العظيمة!!!
    و من الكتّاب المعاصرين و الذي تُحقّق أعماله (أفضل المبيعات: best seller) مدرّس اللغة الإنجليزيّة ستيفن كنج.. له كلمة معروفة.. و التي تعني التالي: الوقت الذي تمضيه في القراءة هو الذي يُمكّنك من إمضاء الوقت في الكتابة و يُعطيك معدّاتها.. و الحقيقة هناك ظلال معيّنة في كلمة ستيفن كنج قد لا تكون واضحة في الترجمة.. فما يلي هو نصّ مقولته:
    (If you don’t have the time to read, you don’t have the time or the tools to write)
    فالمسألة هي: فاقد الشيء لا يُعطيه لغيره.. و لكن بالعكس!
    بالنسبة لسرقة الأفكار.. أنا كنت أرى ما تراه الكاتبة.. حتّى أسقطت ذلك على الواقع: أي التطبيق العمليّ للنظريّة.. فإذا بها غير دقيقة.. و الكاتبة من حيث لا تشعر فهي مدركة لهذا الشيء؛ فهي فرّقت بين أمرين: أخذ الفكرة الأساسيّة و بين توليد الأفكار.. فهذه يعيب الكاتب أن لايقوم بها أمّا تلك فلا جُناح عليه في ذلك.. شرط أن يُضيف إلى الفكرة الأولى أفكارًا أصيلة من نفسه! فهذا يُشبه مَن ينتظر من إنسان معيّن خطأ ما (أي يتلّكك له) و من تلك الهفوة يبني قضيّة ضخمة.. و في الواقع فالقضيّة الجديدة شيء جديد مختلف عن الخطأ الذي استغلّه الإنسان ليخرج كلّ ما في صدره!
    فأخذ فكرة رئيسيّة هو إيجاد نقطة يرتكز عليها العمل الجديد أو موطأ قَدَم إذا تمكّن الكاتب من إيجاده فيستمكّن من البناء عليه بناءًا جديدًا و أصيلًا.
    فإذن المهمّ أن يضيف الإنسان طابعه النفسيّ و تجاربه الشخصيّة على الفكرة..فلو لم يكن على درجة عالية من الثقافة و قدر راق من العلم و الإدراك فلن يضيف شيئًا ملموسًا للفكرة و عليه فستكون سرقة و ستكون بضاعة كاتب ما و لم تُردّ إليه!
    مثلًا: المُخرج ألفرد هتشكوك كان يقرأ قصصًا قصيرة و روايات لمرّة واحدة فقط و لا يعيد قراءتها أبدًا. لماذا؟! حتّى عندما يريد تحويل القصة التي قرأها إلى فيلم أو عمل دراميّ.. عندما يريد ذلك يتمكّن من إضافة طابعه الشخصيّ عليها.
    و مثال من السينما المصريّة من أفلام الفنّان عادل إمام و التي كتب قصّتها الأستاذ وحيد حامد.. كثير منها مبنيّ على فكرة أفلام أمريكيّة.. و رغم ذلك مَن يُشاهد النسخة المصريّة المأخوذة من الفيلم الأمريكيّ يخرج بتأثّر نفسيّ مختلف و بأفكار جديدة لم ترد في الفيلم الأصليّ.. لأنّ الكاتب الجديد أخذ الفكرة الأصليّة و أعدّها لجمهور جديد و كتبها متأثّرًا بتذوّقه هو للعمل الأصليّ..
    و لكن الله يرشدنا بأن لا نبخس الناس أشياءهم و أن لا ننسى الفضل بيننا: فينبغي الإشارة إلى العمل الذي انبنى عليه العمل الجديد من باب شُكر الكاتب الأصليّ و الاعتراف بفضله.. و حتّى لا يكون هناك خداع للمشاهدين.. كما يجب استئذان صاحب الحقّ الأصليّ في استخدام فكرته.. و إن طلب مالًا فله حقّ في ذلك.
    فالمرفوض هو تغيير العنوان و أسماء الأشخاص و الأماكن.. و اعتبار هذا تغييرًا جذريًّا في العمل الأدبيّ يكفي لتغيير اسم الكاتب الأصليّ و وضع اسم كاتب جديد على نفس العمل!!!: فهذا يصدق عليه القول التالي: كثُر التغيير و لم يتغيّر شيء!!
    و الله يحذّرنا من مثل هذا السلوك: (… و يُحبّون أن يُحمدوا بما لم يفعلوا!!! فلا تحسبنّهم بمفازة من العذاب.. و لهم عذاب أليم) الآية المبصرة 188 من سورة آل عِمران..
    و شكرًا للكاتبة فاطمة المزروعي و للقرّاء الأعزّة!

  4. هذه الخصلة الذميمة منتشرة ولا سيما بين من يصفون انفسهم بالمثقفين من الدرجة الاولى وهناك نماذج كثيرة ولكن لى تجربة مع ثلاثة تحديدا ممن اخذوا عنى وكلهم اما مدير تعليم او استاذ جامعى وللاسف فان نظام الاعلام غير قادر على تاديبهم او منع تسللهم من هذا الباب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى