من أراد أن يؤلف موسوعة في الكذب والتدليس؛ فإن مقال محمد جواد ظريف في افتتاحية ( نيويورك تايمز) هو أفضل نموذجًا لتلك الموسوعة، ولن يحتاج الباحث إلى كبير جهد، أو عناء بحث، فالمقال من أول حرف فيه إلى آخر حرف لا يوجد به كلمة صادقة، أو عبارة عادلة، فكان الكذب فيه ظاهرًا، والافتراء بيّنًا . ولا يزال المسؤولون الإيرانيون منذ عودة الخميني حتى يومنا هذا يتخذون الكذب مطية لهم، فحللوه ومارسوه حتى أصبح من طبائعهم . وأراهن أن ظريف لم يسمع بقول الرسول الكريم -صلى الله عليه وسلم- frown رمز تعبيري إياكم والكذب فإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار، وإن الرجل ليكذب ويتحرى الكذب حتى يُكتب عند الله كذابًا) الحديث ولو سمعه لأنكره، لأنه يخالف ما تعود عليه، وعاش لأجله، من الأكاذيب والافتراءات، والذين عرفوا كم هي إيران موغلة في الاٍرهاب، وكم هي وراء القلاقل والفتن، وكيف أنها كالجراثيم التي لا يقر لها قرار، إلا في أجواء التوتر، وانعدام الأمن، يصاب بالدهشة جراء ما يقرأه في ذلك المقال . لقد أكثر محمد جواد ظريف من ترديد عبارات الاٍرهاب والتطرف بشكل لافت للنظر (ومن أحب شيئًا أكثر من ذكره) ، ثم يدعي ظريف أن إيران دولة داعية للسلام، وطالبة بحسن الجوار، وكأنّ الذي يحصل من احتلال الاحواز العربية، والجزر الإماراتية الثلات، واحتلال جنوب لبنان، وتقسيم العراق، وإرسال فيلق القدس لقيادة الحشد الشيعي الذي قتل الآلاف من سنة العراق ولا زال، وتدمير سوريا، واليمن، ومحاولة تخريب البحرين بإرسال أسلحة للمرتزقة بها، وتهريب المتفجرات والأسلحة والمخدرات للكويت، وما تكرر حصوله من تهريب المتفجرات، وقتل الحجاج على أعتاب الحرم المكي، والآلاف الذين تخطفت المشانق أرواحهم من علماء أهل السنة، والأكراد، والآذريين، والبلوش، كأنما هي أمور مشروعة، وهي من شواهد السلام، وحسن الجوار، في المفهوم الإيراني ومحمد جواد ظريف. وقد أشار ظريف إلى إعدام الإرهابيين الذي قامت به المملكة بعد محاكمات مدنية عادلة، وقد أساء ذلك لجواد ظريف وايران؛ لأنه يعلم أن هؤلاء إنما كانوا سفراء الاٍرهاب الذين موّلتهم ودعمتهم حكومة طهران، لقتل المدنيين، وإثارة الفوضى بالمملكة، كما أن اتهام ظريف للمملكة بأنها وراء أحداث ١١ سبتمبر كانت كذبة عوراء، فقد كشفت التحقيقات الأخيرة عن النظام الذي احتضن رموز القاعدة إبّان هروبها من أفغانستان، ومن مولهم، ودعمهم للعودة لقتال الأمريكان بأفغانستان، ثم من دربهم للقيام بأعمال تخريبية في العالم، ومن ذلك ما حصل بأمريكا والمملكة والبحرين، ونيجيريا، ولبنان، وغيرهما. إن الذي يرسل فيلق القدس إلى العراق لقتل أهل السنة ويشارك الحشد الشيعي لتصفية أهل السنة في ديالى والأنبار والمقدادية، بل في كل أرجاء العراق، لن يكون يومًا داعية سلام أو استقرار، وإن من غرس بذور الفتنة والشقاق بين اللبنانيين واغتال رفيق الحريري، وأحال لبنان من واحة وفاق إلى ساحة نفاق، لن تجده في صفوف الداعين للوئام، كما أن من يرسل جنوده وقطعانه المسعورة لتجويع الأطفال والنساء والشيوخ بمضايا السورية المنكوبة وما جاورها، ويدعم من يحاصر المدنيين والنساء والأطفال والمستشفيات في تعزّ، ليس بحمامة سلام، حتى لو تلبّس بريش الحمام، لكنه يظل بومة لا تراها إلى على الأنقاض المتهدمة، فالأخبار المريعة والصور الصادمة التي هزّت وجدان الناس لما حصل هناك، كانت حقائق تكشف زيف وكذب جواد ظريف، وإن من وهب الأسلحة والصواريخ بكميات هائلة لعصابات الحوثيين ليقتل اليمني أخاه اليمني ويعتدي على جاره، يستحيل أن يكون في ضميره ووجدانه ذرة من الإصلاح والسلام. إن الكذب هو أرخص الكلام، ولن يكون سوقه رابحًا، لأنه ينطوي على الاستخفاف بعقول الآخرين، وانتقاص من أحلامهم وإدراكهم، وهو ما تاجر به محمد جواد ظريف في مقاله المشار إليه؛ ليزيد من سخرية الناس به وبإيران، لقاء ما يقوله من افتراءات وأكاذيب، لا تخفى على القاصي والداني، إنه بحق ذبابٌ يحاضر عن النظافة، وهو غارق في أوحال القذارة .
0