عندما نبحث عن أي منظمة عملية؛ فمن المؤكد أن نجد لديها الكثير والكثير من المطالبات أو الاحتياجات (الداخلية) المشروعة، والتي لن تلبي أو لتحقق إلا إن كانت كل أو بعض الصفات والأخلاق وحسن التعامل مغروسة فيها، ابتداء من أعلى هرمها (الأساس) وانتهاء إلى أسفلها (الفروع)، وكونها (إن وجدت) ستحل لهم كل المشاكل من دون أي تأخير لها ولا حتى تعقيد، وأيضا ستلبى وتنفذ كل مطالبهم واحتياجاتهم و و .. إلخ، إلا أنها وبكل أسف أصبحت إما مفقودة أو غير موجودة، وهو الأمر الذي جعلها اليوم أن تكون مطلوبة وذات أهمية، بل ومن أهم ما يتمناها كل مرؤوس لازال يطلبها ويسعى لها كي يجدها أو ليحصل عليها من قبل مديره في العمل، والتي منها مثلا : التواضع والصدق، كأن يكون المدير متواضعًا وصادقًا مع نفسه أولًا ثم مع غيره كثانيًّا (غير كاذب ولا منافق)، وخاصة مع كل من يتعامل معهم بشكل يومي كمرؤوسيه ، وإلا .. فما فائدة تواضعه عن صدقه، كأن يكون بابه مفتوحًا لهم من أجل أن يستقبل منهم مظلمة أو منفعة أو ملاحظة أو مشكلة … إلخ، وحتى يتم مدحه أو لكي يقال عنه بأنه نعم الرجل ونعم المدير المتواضع، غير أنه عكس ذلك تمامًا، لأنه يعلم جيدًا بحقيقة نفسه، وأنه صاحب وجهين، وبإجادته للتصنع والكذب والتمثيل والخداع والتزييف، وكذلك بإتقانه لكل الصفات والأخلاق الحميدة، فيظهرها من أمامهم وفي الباطن يخفي الكثير من الحقائق والتي إن ظهرت على سطحه لأزالوه من مكانه وفضحوه، ولأصبح في مكب النفايات منسيًّا لينسى إلى الأبد ، ولهذا .. نجد أن التواضع والصدق صفتان لا يمكن التخلي عنهما، وحتى إن ذهبت صفة فلن ينتفع بالصفة الثانية . وعندما نقف قليلًا لنقارن بين المدير الناجح والمدير الفاشل نجد أن المدير الناجح : هو الذي سيتحدث معك بكل صدق وصراحة ولباقة ولياقة وذوق، فهو يتحكم في نفسه وأعصابه عندما تختلف معه وتهاجمه، وسيسمح لك بأن تطالبه بحقك، وإذا اختلف معك يسر لك الطريق لرفع شكواك لمسؤول أكبر منه دون أن يتحداك، حتى يتيح لك فرصة لأخذ حقك والحصول عليه، وهو إذ يفعل ذلك يدرك أنه ربما يكون على خطأ؛ فلعل الصواب يأتي من غيره، أما المدير الفاشل : فهو الذي سيتحدث معك بكذب وخبث وبغلظة وفظاظة ! ليحاول أن يتحكم في رزقك وعنقك إن أنت فكرت في الاختلاف معه، فلا يسمح لك بأن تشكوه لمسؤوله حتى وإن كان معك الحق، وإذا فعلت ذلك تحداك وحاربك، وهو من يسمح فقط بأن تمتدحه وتثني عليه، ليرقّي من يتقن مدحه ويفديه، حتى وإن كانت مواضع المدح والثناء ليست فيه، ولأنه يسعى لتثبيت قدمه في المنظمة العملية وتقوية مكانته، ولهذا فهو لا يعترف بآدمية الموظفين ولا يراعى إنسانيتهم، بعكس المدير الناجح والذي يسعى دائمًا لتثبيت أقدام منظمته العملية وتقويتها فيُرقّي من يتقن عمله ويتفانى فيه، ويحترم آدمية الموظف وإنسانيته. وفي الختام .. كل منا وبلا شك يرغب في إحراز النجاحات على مستوى الفرد والأسر والمجتمعات، ومن أهم هذه النجاحات أن ننجح في أعمالنا التي هي مظهر من أعظم مظاهر حياتنا، وكواجب ورسالة من أعظم رسالات الحياة، كما أن للنجاح عدة طرق، ولكن من أهم معالم هذا الطريق الإدارة الناجحة، فنجاح الفرد وراءه إدارة ناجحة لذاته، ونجاح الأسرة خلفه قائد ومدير لها ناجح، ونجاح المؤسسة وراءه إدارة ناجحة.
0