(مكة) – متابعة
تنوعت مواضيع الأفلام الـ125 المشاركة في “مسابقة حواركم للأفلام القصيرة” التي نظمها “مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني” لتشجيع المواهب الشابة والمهتمين في مجال إنتاج الأفلام على موقع “يوتيوب” للمشاركة بطرح قضايا الحوار، ما بين التوجيهية والتوعوية والتمثيلية الرمزية.
وعلى الرغم من تنوع المواد المعروضة في تلك الأفلام وتناولها مختلف القضايا التي حددتها الشروط العامة للمسابقة، فإن مواضيع التطرف والتعصب ومواجهة الإرهاب حظيت بنصيب وافر من اهتمامات الشباب المشاركين في المسابقة.
وكشفت تلك المشاركات مدى الاهتمام الذي يوليه الشباب والمهتمون في مجالات وسائل الإعلام الجديد لمواجهة التطرف، واستشعارهم للمخاطر التي يمثلها تنامي مثل هذه الأفكار في المجتمع، وأن قضية مواجهة التطرف أصبحت من المسؤوليات الاجتماعية، كما كشفت المشاركات دعم تلك الفئة للجهود الأمنية التي تبذلها الأجهزة الرسمية لمواجهة أعمال الفئة الضالة.
ومن خلال تلك الأعمال المشاركة، يتضح أن ذلك التوجه والاهتمام قد فرضته الأحداث الإرهابية التي تعرضت لها المساجد والمنشآت الأمنية من عمليات إرهابية تتبناها بعض الجماعات التكفيرية والتنظيمات المتطرفة، حيث كانت بعض الأفلام تحاكي وقائع إرهابية حدثت بالفعل خلال الفترة الماضية.
ومن تلك الأعمال فلم “مارق” الذي يبدأ في مشهد صحراوي ناء، حيث يتواجه شابان صديقان وجها لوجه، ليس من أجل حوار واع تتفتح فيه الأفكار وتتلاقى الأسئلة، ولكن من خلال حوار عاصف تحيط به فكرة النهاية في أية لحظة. يحرك مخرج الفيلم كاميراته بين وجه ووجه، حيث يقيد أحد الصديقين صديقه ويهدده ببندقية، ويقوم بحفر قبر له. الكاميرا تلتقط الانفعالات البسيطة أو العميقة التي تعبِّر مرة عن حقد وكره وحب للفناء والموت لدى شخصية متشددة مسها داء التطرف، وتعبر لدى الشخصية الأخرى التي تبرز وجها آخر عن قيم الإسلام السمحة التي تؤكد على مفهوم التسامح والتعايش دعوة للسلام والتسامح. هاتان شخصيتان تعيشان بيننا اليوم في هذا الواقع المتسارع الذي نقله الفيلم.
وفي فيلم “المدرسة”، من إخراج عبدالله زايد وقصة وسيناريو يوسف الغنامي، يلعب “زين” و”بدر” الطفلان الكرة، ويلتقيان في باحة المدرسة وفي فنائها في حب وتآلف، فيما أحد المدرسين يرفض هذه العلاقة، فينهر “زين” ويقول له: “ليش تمشي مع بدر، ما تدري أنهم ناس شريرين”، لكن لقاءات الفطرة واللعب لا تجعل الطفل يستمع للمدرس ويلتقي أكثر وأكثر بصاحبه، ويختتم الفيلم بعبارة: “في المدرسة تنتصر الفطرة على كل أساليب “التفرقة” التي يقودها المحرضون الطائفيون.. هكذا هو الوطن”.
صورة الوطن
أبرزت الفيديوهات المشاركة صورة الوطن، ودعت عبر مضامين مختلفة، سواء توجيهية أو توعوية أو تمثيلية، إلى الإعلاء من القيم المجتمعية من حيث التسامح والتآلف والتواصل، والاحتفاء بالقيم الإنسانية الأصيلة كالكرم والوفاء والتواصل الأسري وصلة الرحم.
كما دعت إلى إيلاء الوحدة الوطنية القدر الأكبر من العناية بوصفها قيمة فطرية تلقائية ترتبط بالإنسان وبيئته ونشأته وحبه لتفاصيل أمكنته، وبالتالي حبه للوطن. ومن هذه الفيديوهات “شراكة” و”تغيرنا” و”على الطريق” و”عتاب طفلة” و”من واقعنا” و”لا فرق” و”عسر هضم” و”ولدت مسلما” و”اللاعب الخفي” و”صحوة ضمير” و”أنا أعيش” و”بإهمالنا نفقد أبناءنا” و”الوحدة الوطنية” و”ارتواء” و”نبقى متسامحين”.
ومن الأفلام التي دعت للتآخي والتلاقي، فيلم “لقاء” من فكرة فالح حسن، حيث يركز الفيلم على لقاء الجارين من خلال كرة القدم التي يلعبها الجار فتسقط في باحة فيلا ملاصقة لدى الجار الآخر، ويكتب أحدهما على الكرة “يا هلا أنا خالد” ويلقي بها لجاره في الجهة الأخرى فيكتب عليها “شرايك نطلع نلعب كورة” ويرسلها للآخر الذي يكتب عليها موافقته ويقذفها للآخر، لكن يد خفية ما تقوم بتفجير الكرة عبر طلقة رصاص، كأن صاحب الفيلم يشي بالقول إن الفتنة باب شر، وإن هناك من يتربص بالمجتمع بمختلف أطيافه، وينتهي الفيلم بعبارة: “فلتكن ليست هذه النهاية”.
وتحمل أفلام أخرى مثل هذه المضامين التي يعايش المجتمع ظواهرها فيما يبرز من أحداث محلية أو إقليمية أو دولية، حيث تمر المنطقة بحالة من الصراعات والحروب والأحداث الإرهابية التي لن يوقفها سوى تلاحم المجتمعات والشعوب بتفتحها وحضاراتها ومحافظتها على القيم الإسلامية والإنسانية الأصيلة والتمسك بالثوابت الوطنية.
ويسعى “مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني” إلى التأكيد على الدور الإيجابي للإعلام الجديد ووسائط التواصل الاجتماعي في الإعلاء من القيم الوطنية، وبث لغة الحوار في مختلف المواقف والأحداث، حيث يعلو صوت العقل والفكر والتنوير، كما يسعى إلى المحافظة على القيم الإسلامية والاجتماعية الأصيلة التي يتحلى بها الشعب السعودي في مختلف تجاربه وخبراته وتحولاته ورؤاه.
وقد خصص المركز للفائزين بالمسابقة 150 ألف ريال، الجائزة الأولى 50 ألف ريال، الجائزة الثانية 40 ألف ريال، الجائزة الثالثة 30 ألف ريال، الجائزة الرابعة 20 ألف ريال، الجائزة الخامسة 10 آلاف ريال، كما سيتم تقديم جوائز قيمة للفيديوهات المميزة التي لم تدخل ضمن الأفلام الخمسة الأوائل.