منطق الطير: “يستفزونك ليخرجوا أسوأ ما فيك ثم يقولون هذا أنت.. لا يا عزيزي، هذا ليس أنا, هذا ما تريده أنت!” – جورج برنارد شو.
من الظواهر المزعجة والغريبة التي أضحت سمةً من سمات شبكات التواصل الاجتماعي –العربية- استجداء مشاركة الموضوعات”share”، أو ما يصطلح عليه في هذه الفضاءات الفسيحة (إن لم تنشرها فعلم..!!) متبوعةً بالتهديد والوعيد والدعاء بالشر!!، والأشد غرابةً أن جل ما يطرح إن لم يكن كله عبارة عن خزعبلات وسذاجات، وفي أحسن الأحوال أدعية وأحاديث ومأثورات ومقولات مجترة ومكررة، بعضها موضوع أو مكذوب!! وبعضها يساء فهمه في السياق الذي يوضع فيه!!.
لا يمكن بحال من الأحوال تجاوز ذلك السلوك المأزوم واعتباره مجرد مراهقة سلوكية أو فكرية، فدراسته من الجانب السيكولوجي والاجتماعي توحي بأن ثمة إشكالات عميقة على مستوى بنية العقل العربي، ذلك العقل الذي تكون نتيجة عدد من الرواسب الذهنية والتاريخية، ونشأ في بيئة يسودها القهر والعنف والهزيمة والاستسلام، وعُود على الكسل والخمول نتيجة تعطيل آليات الاجتهاد والتجديد، بل ومحاربتها في أحيان كثيرة بدعوة أن: ليس بالإمكان أفضل مما كان!!!
إن خطر هذه الظواهر في مثل تلك البيئات الحرة الشائعة يتجاوز أثرها الآني في الاستخفاف بالعقول وتشويه الفكر وتسطيح التفكير، وترويج الصورة الذهنية الساذجة عن المتفاعل العربي، فهي تكرس بوعي أو لا وعي للممارسات العنفية، التي لن تُحصر في مستوى العقل أو القول، وإنما سوف تنعكس على الفعل والسلوك، وتتجسد في مختلف الممارسات الاعتيادية أو الطارئة، ما يسهم في تكوين شخصية قلقة مضطربة، تؤثر سلبًا في تكوين المجتمع واختيار اتجاهاته، وفاعلية التأثر والتأثير.
ما يحتم علينا جميعًا التنبه واليقظة، والإسهام في محاربة تلكم الظاهرة الدخيلة من خلال الكف عن مشاركة تلك المنشورات وترويجها، أيٍّ كانت الأسباب والمبررات، ثم التنويه والتنبيه لخطر تلك الممارسة وانعكاساتها على الفرد والمجتمع، والتشجيع على الابتكار والإبداع، والتعبير التلقائي عن الأفكار والمشاعر، فلكل منا القدرة على صياغة ما يريد قوله أو إيصاله بروحه ولغته، فالأصل في تواصل هذه الشبكات أنه مبني على المحبة والمودة واللين والرحمة، وعلى التفكر والتدبر.
خبر الهدهد: #وسم..