في ظني، غير الآثم ـ أن أمير الشعراء أحمد شوقي، -رحمه الله- لو عاش لزماننا ورأى بأمِّ عينيه حال مُعلم اليوم عندنا، لربما أعاد النظر في البيت الشهير في مطلع قصيدته، والتي امتدح فيها المُعَلِم، ورغب في احترامه، وتبجيله، حينما قال:
أي تعليم لا يقوم على توقير المُعلم والمُعلمة، وتوفير كل سُبل الراحة لهما في عملهما، إضافةً إلى إعطائهما حقوقهما؛ كي يؤديا عملهما بتفانٍ وإخلاص، فهو تعليم ناقِص، ولم يكتمل نموه بعد، فضلًا أن يكون ذا شأن. مما يحز في النفس، ويبعث على الأسى أن تجد بعضًا من فِئات المجتمع على مختلف درجاتهم، أيًّا كانوا لا تجدهم يُوقرون المعلم/ المعلمة أو يحترمونهما، فضلًا أن يزرعوا ذلك في نفوس أبنائهم وبناتهم، بل تجد بعضهم يُروج أو يعتقد أو حتى يُطقطق ويُشبه المعلمين والمعلمات بـ”الشغالات” !! ذلك ما أخبرني به أحد الإداريين من منسوبي المدارس، حينما قال لي إن أحد رجال الأعمال قال له حَرفيًّا” يا أخي أنتم مثل الشغالات، تمسكون أبناءنا لما بعد الظهر، حتى نأتي لنأخذهم!!” ذلك مع الأسف مبلغه من العِلم، إذا اعتقد أن ذلك هو دور المدارس، وهي إحدى دور العِلم التي يمكث بها الطالب ما يقرب من 7 ساعات كي يتعلم بها مختلف العلوم، كي يكون نافعًا لنفسه، ثم لبلده وأُمته ..! تلك النظرة القاصِرة تجاه دور المعلمين والمعلمات من بعض فِئات المجتمع، لم تأتِ من فراغ حقيقةً، وإنما أتت من عدة عوامل، أهمها وأُسها وأساسها ذهاب هيبة المعلم من قبل بعض مسؤولي التربية السابقين، وهضم حقوقهم، وعدم إعطائهم ما يستحقون، ومن أهمها المستويات المستحقة لهم؛ إضافةً إلى المُهم أيضًا وهو التأمين الصحي وبدل السكن، والذي الأغلب من موظفي الدولة يحصلون عليه إلا هُم، ولا يعلمون ما السبب..؟!
وخِتامًا .. يجب أن يُدرك مسؤولو وزارة التعليم أن قراراتهم وتعاميمهم والتي غالبًا ما تنتهج التهديد والوعيد بـ “الويل والثبور، وعظائم الأمور!! ” هي التي ساهمت بشكلٍ أو بآخر في إضاعة حقوق المعلمين والمعلمات، وساهمت بضعف هيبته، حتى أصبح مادة يسخر منها من قبل بعض فناني الكاريكاتير في بعض صحفنا المحلية، والتي دأبت على السخرية من المعلم والحط من قيمته، فكي يرجع تعليمنا كما كان، يجب أن يُعطى المعلم والمعلمة مكانتهما في المجتمع، ومحاسبة وملاحقة من يسخر منهم في كل وسائل الإعلام؛ إضافةً إلى إعطائهم حقوقهم كاملة غير منقوصة، وكذلك الاهتمام بالبيئة التعليمية من حيث توفير المباني المناسبة، والبعد عن المباني المستأجرة والمشتركة، وتوفير فرص تعيين للخريجين والخريجات المؤهلين والمؤهلات حتى يُساهموا في نهضة تعليم بلادهم، كى يعود تعلمينا قويًّا كما كان، والله الموفق لكل خير سبحانه.
ماجد الحربي