الشحات من أكثر الناس تفننًا في استدراج عطف الناس ..فالشحات لا يتورع عن صنع أية عاهة بأي طرف من أطراف جسده؛ ليبدي للناس حاجته للمساعدة ويدعوهم للشفقة عليه والتبرع له بما تجود به أنفسهم نحوه ..والشحاتة فن لايتقنه الكثيرون، وهناك صناع متخصصون في صنع العاهات لمن يرغب في امتهان مهنة الشحاذة. .ولعل من قرأ رواية الشحات للأستاذ نجيب محفوظ يتذكر شخصية زيطة الذي يعيش من صنع العاهات .. وإذا كان الشحاذ في الوطن العربي يتبع مثل هذه الأساليب لاستدرار عطف الناس؛ فإن الشحاذة في أوروبا وأمريكا تأخذ شكلًا آخر وبالطبع فن الشحاذة هناك تتبع مناخ التطور الذي يعيش فيه المجتمع الغربي. ولعل الكثيرين ممن سافروا إلى أوروبا وأمريكا يواجهون بأعداد من هؤلاء الشحاذون وهم في معظمهم من الشباب والشابات العاطلين عن العمل يقفون على نواصي الطرقات وعند بوابات المترو وممرات الأنفاق، وهم يعزفون على أدواتهم الموسيقية وأمام كل واحد منه صندوق خشبي ترتفع من وسطه لافتة أو رسالة تشرح ظروفه ومشكلاته. وفي مدريد كما في غيرها من المدن الإسبانية توجد مواقع خاصة للشحاذين من عازفي الموسيقى الذين تمتلئ هذه الشوارع بعد الرابعة عصرًا بعشرات منهم؛ حيث يلتف الناس من حولهم يستمعون إلى معزوفاتهم الموسيقية وكثير من هؤلاء العازفين يملكون موهبة ممتازة في العزف وإحساسًا فنيًّا رائعًا. .ويقف والواحد منهم بخيلاء متصورًا نفسه واقفًا على منصة أكبر المسارح العالمية للموسيقى ..معطيا ظهره لجمهور المشاهدين وكانه غير آبه بهم وبقروشهم القليلة التي ينثرونها وسط صندوق الخشبي..وقد تشاهد أحيانا بعضًا من هؤلاء الشحاذين وهو يقلد الإنسان الآلي في حركاته وسكناته حتى تحسب أن الواقف أمامك إنسان آلي فعلًا، ولكن يتبدد ظنك عندما تشاهده وهو ينحني شاكرًا للجمهور الذي يصفق له استحسانًا، ثم تراه يدور عليهم حاملًا وعاءً طلبًا للمعونة. ولقد رأيت فى أحد شوارع برلين بنصب لفارس يقف على منصة، وقد تدثر بلباس من الحديد المدجج بالسيوف. . والناس يرمون في وعاء أمامه بالعملات النقدية، ويتضح في النهاية أن هذا النصب ليس إلا شحاذًا وجد في هذه الطريقة وسيلة لاستدرار عطف الناس ونقودهم.. ترى هل هناك فرق بين تسول وآخر. .ربما. .وإذا الجنون فنون. .فكذلك الشحاذة. ..
2
والشحاذةأشكال وأنواع.. كفانا الله شر الحاجة..
وفيه شحادة أكبر لم تذكرها