أحمد حلبي

تركيا أكبر مصدر للسجاد في العالم

 كلما زرت تركيا أحرص على اختزال جزء من وقتي؛ للتجول في شوارع المدن ودخول الأحياء القديمة فهي تضم مساكن ومحلات تجارية، ومصانع لصناعات تقليدية لا زالت الكثير من الأسر التركية محافظة عليها وببعض المناطق يشاهد المتجول عملية صناعة السجاد يدويًّا، ومثل هذه المشاهد تجعلني أقف أمام إبداعات صناعية خاصة حينما أرى أن من يقوم بعملية الصناعة هم شباب حرصوا على اكتساب مهنة آبائهم وأجدادهم. وقصة السجاد التركي وجمال رسمه وقوة صناعته كما أخبرني الكثيرون بدأت في عهد الدولة العثمانية إذ كان السلاطين والولاة يفرشون به المساجد والقصور، وقد شهدت أقطار العالم الإسلامي عامة ذلك ومكة المكرمة خاصة، وكان للسجاد التركي تواجده المميز في مناطق محددة داخل الحرم المكي الشريف. وحينما زرت مدينة غازي عنتاب، وهي مدينة صناعية في جنوب تركيا وتُعد سادس أكبر مدينة في تركيا إذ يوجد بها نحو 350 مصنعًا للسجاد والعديد من المصانع المتنوعة والمختلفة، وتشرفت حينها بالالتقاء بالأخ كمال هومان وهو رجل أعمال تركي، تلقى تعليمه الجامعي بجامعة أم القرى، سنحت لي الفرصة في التعرف أكثر عن السجاد التركي ومميزاته من خلال زيارة قمنا بها لمجموعة من المصانع التي تنتج السجاد التركي بأشكال وأنواع ومقاسات مختلفة ومتعددة. واستطاع هذا المنتج أن يفرض تواجده وينافس منتجات أوروبية وآسيوية فقد امتاز بجودته العالية ومظهره الأنيق، ولذا نراه منتشرًا في الكثير من المساجد بدول العالم، وقد أحسنت وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد في المملكة العربية السعودية حينما جعلت للسجاد التركي مكانة وتميزًا في فرش معظم مساجدها، لإدراكها بنوعيته الجيدة القادرة على تحمل سير الأقدام عليه وامتصاص الأوساخ والأتربة، وسرعة نظافته. والسجاد التركي يُعد من أفخم وأفخر أنواع السجاد عالميًّا؛ لأنه يحاك من الحرير ويطعم بالخيوط المقصبة والذهبية، ويغلب على نقشاته الطابع الزخرفي الإسلامي. كما تضاف إليها بعض الكتابات بالحرف العثماني أما ألوانه فهي متنوعة وزاهية ويقوم بتصنيعه البدو والعمال المهرة بتركيا، ويسمى السجاد الأناضولي وتتراوح فيه العقد في البوصة المربعة بين 40 و100 عقدة، وما يميز السجاد التركي اليدوي استخدام صانعيه للون الأحمر الفاقع للسجادة كلها أو جزء كبير منها. وتعتبر تركيا أكبر مصدر للسجاد في العالم؛ وذلك لتوافر المواد الخام لصناعة السجاد إلى جانب كفاءة العاملين في نسج السجاد والفنيين الذين يعملون على آلات السجاد وتركيا قريبة من أسواق التصدير .

أحمد صالح حلبي

كاتب مهتم بشؤون الحج

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى