كان في الوفد الذى رأسه أحد سادات ثقيف وهو: عبد ياليل بن عمرو إلى النبي- صلى الله عليه وسلم-: عثمان بن أبي العاص الثقفي -رضى الله عنه-، فولاه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على الطائف أميرًا عليها لما رأى من حرصه على تعلم الإسلام مع صغر سنه. وكان وفد ثقيف قد طلب من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: أن يمهلهم ثلاث سنوات، لا يهدم عليهم بيت اللات الذى كان حيث هذا المسجد؛ فأبى ذلك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عليهم إلا أن يهدمها. وطلبوا منه أن يعفيهم من الصلاة، فقال (لا خير فى دين لا صلاة فيه)، ولكن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أعفاهم من كسر أوثانهم بأيديهم. وبعد أن عاد وفد ثقيف إلى الطائف مسلمين، بعث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فى إثرهم: المغيرة ابن شعبة، وأبا سفيان بن حرب-رضى الله عنهما-، وأمرهما أن يهدما طاغية ثقيف، وهى اللات، فهدماه، وجعلا مكانه هذا المسجد بالطائف كما قاله الحافظ عماد الدين ابن كثير القرشى فى تفسير سورة النجم 254/4. وورد أن النبى -صلى الله عليه وسلم- أمر واليه على الطائف عثمان بن أبى العاص -رضى الله عنه-، ببناء مسجده هذا فى الطائف على مكان صنم اللات. وكانت طاغية اللات من أشهر أصنام المشركين فى الطائف فبنى هذا المسجد على ذلك الموضع. وقد روى حديث بناء مسجد ابن عباس رضى الله عنه على مكان طاغية اللات بالطائف بأمر من رسول الله –صلى الله وعليه وسلم- جماعة من أئمة الحديث الشريف: منهم الإمام أبو عبد الله الحاكم فى مستدركه على الشيخين، فقال : أخبرنا الشيخ أبو بكر بن إسحاق، أنبأ علي بن عبد العزيز، ثنا أبو همام الدلال، ثنا سعيد بن السائب الطائفي، عن محمد بن عبد الله بن عياض، عن عثمان بن أبي العاص -رضي الله عنه- أن رسول الله –صلى الله وعليه وسلم- أمره أن يجعل مسجد الطائف؛ حيث كانت طاغيتهم : المستدرك : 618/3 ذكر عثمان بن أبي العاص تسلسل : 6591 ورواه كذلك الإمام أبو داود في سننه في باب بناء المساجد، فقال : حدثنا رجاء بن المرجي حدثنا أبو همام الدلال محمد بن محبب، حدثنا سعيد بن السائب، عن محمد بن عبد الله بن عياض عن عثمان بن أبي العاص، أن النبى –صلى الله وعليه وسلم- أمره أن يجعل مسجد الطائف؛ حيث كان طواغيتهم. سنن أبي داود فى كتاب الصلاة : تسلسل : 450 ورواه أيضًا الإمام ابن ماجة فى سننه فى كتاب المساجد، فقال : حدثنا محمد بن يحي، حدثنا أبو همام الدلال، حدثنا سعيد بن السائب، عن محمد بن عبد الله ْبن عياض، عن عثمان بن أبي العاص, أن رسول الله –صلى الله وعليه وسلم- أمره أن يجعل مسجد الطائف؛ حيث كان طاغيتهم. سنن ابن ماجة فى كتاب المساجد تسلسل : 792 – 450 كما رواه الإمام الطبراني فى معجمه الكبير، ورواه أيضًا الإمام البيهقي في سننه الكبرى فى باب كيفية بناء المساجد. كما رواه الإمام أبوبكر البزار فى مسنده. ورواه الإمام البيهقى فى دلائل النبوة. ورواه الإمام البغوى فى شرح السنة. ورواه أيضًا الإمام أبونعيم فى معرفة الصحابة: وفيه أنهم قالوا : يا رسول الله أين نجعل مسجدهم ؟ قال: حيث كانت طاغيتهم كي يعبد الله -عز وجل- حيث كان لا يعبد . وبما أن المسجد قد بنى على مصلى رسول الله –صلى الله وعليه وسلم- الذى صلى فيه بين القبتين أثناء حصار الطائف، إلا أن التوجيه النبوى الكريم قد نص على بنائه؛ حيث كانت طاغية اللات، فوافق موضع المنارة الغربية اليسرى للمسجد موضع اللات كما سيأتى. وقد اختلف في اسم الذى قام ببناء مسجد الطائف للنبى –صلى الله وعليه وسلم- فورد عند علماء الحديث: أنه عثمان بن أبي العاص -رضى الله عنه-، وكان والى رسول الله –صلى الله وعليه وسلم- على الطائف، فأمره النبى –صلى الله وعليه وسلم- ببناء هذا المسجد؛ حيث كانت الطاغية كما نطقت بها كتب السنة المطهرة. وأما علماء السيرة النبوية الشريفة : فذكروا أن الذى بنى مسجد الطائف لرسول الله –صلى الله وعليه وسلم- على مصلاه المبارك، هو : عمرو بن أمية الثقفي- رضى الله عنه-. وذلك بعد إسلام ثقيف وقد سبق: أن إسلام ثقيف كان فى شهر رمضان سنة تسع من الهجرة الشريفة. وذكروا أن العمود الذى وافق مصلى رسول الله –صلى الله وعليه وسلم- فى المسجد كان يسمع له أزيزًا عند شروق شمس كل يوم، وكانوا يرون أنه تسبيح لله سبحانه وتعالى كما سيأتي. واختلف علماء السيرة فى اسم عمرو هذا، فقال الإمام أبو عبد الله الواقدى إنه : أمية ابن عمرو، وقال الإمام عبد الملك بن هشام فى سيرته إنه : عمرو بن أمية، وقال الإمام أبو جعفر بن جرير الطبرى فى تاريخه إنه : أبو أمية بن عمرو . وأشار الإمام شهاب الدين ابن حجر العسقلانى فى الإصابة إلى هذا الخلاف، غير أنه لم يرجح منها شيئًا. ثم ذكر عن ابن اسحق قوله: إن عمرو بن أمية، بنى على مصلى رسول الله –صلى الله وعليه وسلم- بالطائف مسجدًا، حيث كان يحاصرها لما أسلمت ثقيف، أي بعد أن أسلمت ثقيف. ولكن حدد اسمه العلامة محمد بن حزم فى جمهرة أنساب العرب، فقال هو : عمرو بن أمية الذى بنى المسجد على موضع مصلى رسول الله –صلى الله وعليه وسلم- إذ حاصر الطائف، فهو مسجدهم اليوم انتهى . وممن روى بناء عمرو بن أمية المسجد على مصلى النبى –صلى الله وعليه وسلم- بالطائف بعد إسلام ثقيف، الإمام أبو عبد الله الواقدى -رحمه الله تعالى- فى مغازيه، إذ قال : وكان رسول الله –صلى الله وعليه وسلم- قد ضرب لزوجتيه قبتين ثم كان يصلي بين القبتين أيام حصار الطائف كله، وقد اختلف فى مدة حصاره، فقال قائل : ثمانية عشر يومًا، وقال قائل : تسعة عشر يومًا، وقال قائل : خمسة عشر يومًا، وكل ذلك وهو يصلي بين القبتين ركعتين، فلما أسلمت ثقيف، بنى أمية بن عمرو بن وهب بن معتب بن مالك على مصلّى رسول الله –صلى الله وعليه وسلم- مسجدًا، وكان فيه سارية لا تطلع الشمس عليها يوما من الدهر إلا يسمع لها نقيض أكثر من عشر مرار، فكانوا يرون أنّ ذلك تسبيحًا. مغازي الواقدي : 927/1 ورواه كذلك الإمام عبد الملك بن هشام فى سيرته فى ذات السياق، قال : قال ابن إسحاق: وكان مع رسول الله –صلى الله وعليه وسلم- امرأتان من نسائه إحداهما: أم سلمة بنت أبي أمية، فضرب لهما قبتين ثم صلى بين القبتين ثم أقام، فلما أسلمت ثقيف بني على مصلى رسول الله –صلى الله وعليه وسلم- عمرو بن أمية بن وهب بن معتب بن مالك الثقفى مسجدًا، وكانت في ذلك المسجد سارية يزعمون أنه لا تطلع الشمس عليها يومًا من الدهر إلا سمع لها نقيض. وذكر الإمام أبو جعفر بن جرير الطبرى فى تاريخه : أن النبى –صلى الله وعليه وسلم- وضع عسكره عند مسجده الذي بالطائف اليوم، فحاصرهم بضعًا وعشرين ليلة، ومعه امرأتان من نسائه إحداهما: أم سلمة بنت أبي أمية وأخرى معها، قال الواقدي الأخرى : زينب بنت جحش . فضرب لهما قبتين فصلى بين القبتين ما أقام بالطائف فلما أسلمت ثقيف، بنى على مصلى رسول الله –صلى الله وعليه وسلم- أبو أمية بن عمرو بن وهب بن معتب بن مالك مسجدًا، وكانت في ذلك المسجد سارية فيما يزعمون، لا تطلع عليها الشمس يوما من الدهر إلا سمع لها نقيض. وذكره أيضًا الحافظ عماد الدين ابن كثير القرشى فى تاريخه، فقال ما نصه: قال ابن اسحق ثم مضى رسول الله –صلى الله وعليه وسلم- حتى نزل قريبا من الطائف فضرب به عسكره، فقتل ناس من أصحابه بالنبل، وذلك أن العسكر اقترب من حائط الطائف، فتأخروا إلى موضع مسجده عليه السلام اليوم بالطائف الذى بنته ثقيف بعد إسلامها، بناه عمرو بن أمية بن وهب، وكانت فيه سارية ( أي عمودا ) لا تطلع الشمس صبيحة كل يوم إلا سمع لها نقيض فيما يذكرون، قال فحاصرهم بضعًا وعشرين ليلة انتهى البداية والنهاية : 346/2 وذكره الإمام شمس الدين الذهبى فى تاريخ الإسلام وقال : سار رسول الله –صلى الله وعليه وسلم- إلى الطائف، وابتنى بها مسجدًا وصلى فيه. ومع رسول الله –صلى الله وعليه وسلم- امرأتان من نسائه إحداهما أم سلمة بنت أبي أمية. فلما أسلمت ثقيف بني على مصلى رسول الله –صلى الله وعليه وسلم- أبو أمية بن عمرو بن وهب مسجدًا. وكان في ذلك المسجد سارية لا تطلع عليها الشمس يومًا من الدهر فيما يذكرون، إلا سمع لها نقيض. والنقيض صوت المحامل انتهى . وقال العلامة شمس الدين ابن القيم الجوزية فى كتابه زاد المعاد : وسار رسول الله –صلى الله وعليه وسلم- ونزل قريبا من حصنهم، فرموا المسلمين بالنّبل رميّا شديدًا كأنه رجلُ جراد حتى أُصيب من المسلمين اثنا عشر رجلًا، فارتفع رسول الله –صلى الله وعليه وسلم- إلى موضع مسجد الطّائف اليوم، فحاصرهم ثمانية عشر يومًا أو بضعا وعشرين يومًا، وكان معه من نسائه: أم سلمة وزينب، فضرب لهما قبتين وكان يصلى بين القبتين.
0