يحتفل العالم غدًا الأحد 5/5/1437 بيوم القصة العالمي إيمانًا بأهمية هذا الجنس الأدبي وضرورته. والاحتفال بالحكاية هو احتفاء بالإنسان نفسه بخصائصه التي يتفرد بها؛ حيث الحكي خصيصة إنسانية بحتة ولا وجود على المستوى المنظور لكائن آخر يمارس لعبة الحكي لبني جنسه، ويتلذذ بسرد مايعتمل في وجدانه عدا الإنسان. محليًّا لامظاهر مبهجة قابلة للرصد في سياق الاحتفال بيوم القصة عدا محاولات جبير المليحان التذكير بيوم القصة العالمي عبر الفضاء السايبروني؛ حيث تنتشر هناك حوائط السرد ويشكل الافتراضي ملتقى يجمع المهتمين لفنون القصة والقصة القصيرة جدًا وتحديدا من خلال منصة الفيس بوك وصفحة القصة العربية التي يشرف عليها الأستاذ جبير، والذي يعتبر أحد رواد هذا الفن محليًّا . ولأننا هنا في مناسبة يومها العالمي نتناول بالحديث القصة كفن وعن مظاهر تكريسها والاحتفال بها ولايمكننا- رغم بهوت المناسبة محليا وضمور مظاهر الاحتفاء بالقصة المتزامن مع يوم عرسها العالمي- نعت مجمل الواقع العام والمشهد القصصي المحلي بالمظلم التام، وقد لايكون هذا التعبير دقيقًا بالكلية رغم الشواهد التي تؤكده ومنها هجرة عدد كبير من رواد القصة في المملكة لهذا الفن واتجاههم نحو الرواية ومع هذا فهناك بوادر جيدة جديرة بالالتقاط؛ حيث تبنت إحدى المؤسسات جائزة سنوية لها وعقد أكثر من ملتقى للقصة، وأقيمت عدة ندوات حولها وهناك على مستوى بعض المناطق جائزة باسم الإبداع القصصي كماهو حال جائزة أبها وجائزة الباحة. وكان مقررًا إقامة أكبر ملتقى لها بنادي الباحة الأدبي وكان المهتمون بالقصة ينتظرونه بشغف كونه الاحتفائية الأكبر التي ستحتفي بأجيال متلاحقة من رواد القصة وحتى الجيل القادم منهم بتكريم الشبل باسل الغامدي، ومازالت الآمال قائمة ومشوبة بالانتظار لهذا الحدث . كل هذا على الصعيد الاحتفائي بالقصة كفن وكقنطرة ثقافة وحامل للإبداع الانساني، أما على المستوى الفني للقصة وتقنيات كتابتها فالمناسبة تتجدد في وقت تشهد القصة تحولات كبرى على مستوى البنية؛ حيث يتنامى الاهتمام عالميًّا بالقصة القصيرة جدا التي زاحمت القصة القصيرة وهانحن اليوم أمام موجة القصة ذات الست كلمات كما في نص أرنست همنجواي( للبيع : حذاء طفل لم يلبس قط) الذي يعتبر نموذجًا لهذا الفن وهو التوجه الذي يعززه المعطى التقني ذي الأحرف القليلة كالتويتر أو المقاطع القصيرة، كما هو حال مقاطع السناب شات الذي يتسمى بالحكاية فيسمي منشوراته بها وهذا الواقع ملمح جميل ومميز عندي. ويمكن قراءته من منطلق أن الفنون ومجالات الإبداع تتمدد وتتوسع قاعدتها ويتكرس وجودها، وتتجذر بدخول روافد إبداعية عدة تصب في نهرها، وهذا يمنحها التنوع والثراء ويزيد من قوة جريان نهر الإبداع وتدفقه وانسيابيته ولامجال في الفنون للإقصاء إلا في أذهان البشر؛ حيث تتأخى الفنون وتتمازج مشكلة لوحة إبداعية ملهمة تحكي للزمن قصة الإبداع وكلما أصبح لأي فن إبداعي أيا كان مسماه أشكاله وأنواعه المتعددة؛ فإن هذا دليل قوة لهذا الفن وتعدد أشكال فن القصة مابين قصة وقصة قصيرة وقصة قصيرة جدا، والقصة ذات الست كلمات والمثيولوجا والأساطير ومدونة الحكاية الشعبية والخراريف يمنحها حضورًا ومزيدًا من التألق والحضور والفتنة وبالضرورة أنه بالتنوع تخصب أرض الإبداع. وستظل القصة هي المتحقق الحياتي الذي يُلازم الإنسان منذ ولادته حتى مماته يحضر في كل الأمكنة من الريف إلى ردهات القصور الفارهة، والحقيقة تقول إن القصة ستظل كفن قادرة على منح روادها الخلود فهي من منح الخلود للرواد من إدغار آلان بو، وموبوسان، وتشيكوف، ويوسف إدريس، وجيل الحساسية الجديدة في مصر ويوسف تامر ومحمد زفزاف وغيرهم كثير من الأسماء الذين تضيق عن استيعاب سرده الذاكرة والحرف .
قراءة ( ناصر بن محمد العُمري)