المقالات

الهند قوة ..اقتصادية وبشرية

 جاء في الأخبار أن الهند أطلقت أرخص هاتف للجوال في العالم بسعر يقل عن أربعة دولارات (16) ريالًا، وقد توصلت إلى إنتاج هذا الجوال شركة هندية حصلت على دعم هائل من قبل الحكومة الهندية ..ويقدر الخبراء الصناعيون أن هذه الخطوة هي بمثابة نجاح لعملية (صنع في الهند) التي يتبناها رئيس الوزراء الحالي .. والذي وضع ضمن أولوياته تشجيع الصناعات الهندية، وتقديم كل التسهيلات التي تساعدها على تطوير منتجاتها. ويبلغ عدد سكان الهند اليوم نحو 1,3 مليار إنسان مما يضعها في مصاف أكبر الأسواق للهواتف الجوالة في العالم بعد الصين، ويصل عدد الذين يستخدمون الهواتف الجوالة في الوقت الحاضر مليار نسمة والرقم قابل للزيادة بعد نزول الهاتف الجديد إلى الأسواق خلال الفترة المقبلة .. وقد يتساءل البعض منا .. ماذا يعني أن تصنع الهند أرخص هاتف جوال في العالم؟. والإجابة هي أن قيمة الجوال البسيطة ستكون في في متناول أكبر شريحة من الموطنين الهنود من الطبقة الفقيرة والمتوسطة .. والأمر الآخر أن الجوال يُضاف إلى العديد من السلع الرخيصة التي يتم صنعها في الهند التي تحاول أن تضعها بين يدي مواطنيها ..فهي قد نجحت من قبل في صناعة أرخص سيارة تتسع لخمسة أشخاص بقيمة 2500 دولار أمريكي (مايعادل حوالي 10 آلاف ريال)..وهي الأرخص في العالم. وهناك أيضًا المنزل الأرخص في العالم والذي لاتتجاوز قيمته عن 715 دولارًا أمريكيًّا .. وهو مصنوع من المواد الخام المحلية ويتم تركيبه خلال أسبوع واحد. ويمتد ويعيش المنزل إلى نحو20 عامًا، وتشير الإحصائيات حاجة الهند إلى نحو 25 مليون وحدة سكنية من هذا النوع سنويًّا. . والحقيقة أن هذين المثالين يؤكدان بوضوح الآلية الاقتصادية الشاملة التي تتبعها الحكومات الهندية المتعاقبة منذ عام 1950 م وحتى اليوم؛ حيث عملت هذهِ الحكومات ومنذ عهد جواهر لآل نهرو أول رئيس للوزراء بعد الاستقلال على إيجاد خطط تلامس حاجات الطبقات الفقيرة والمتوسطة التي تُشكل غالبية المجتمع الهندي.. وتوظيف كافة الوسائل لأجل سد حاجات المجتمع ورفاهيته قدر الإمكان. وقد استطاعت الحكومات الهندية المتعاقبة التمهيد لبناء مناخ مناسب لجذب الاستثمارات الأجنبية وتخفيف القيود الداخلية اللازمة لعمليات تدفق رؤوس الأموال بسهولة ويسر .. وساهم استقرار الهند السياسي والأمني وماتشهده الهند من نمو اقتصادي يتصاعد على أمر الأيام على توجه المئات من الشركات العالمية الكبرى للاستثمار في الهند في شتى المجالات العلمية والصناعية والزراعية وغيرها. ووفق تقديرات مركز التنمية الدولية بجامعة هارفارد حول آفاق النمو في الهند؛ فإنه من المتوقع أن تحقق الهند أعلى معدلات الناتج في العالم خلال السنوات القادمة بمعدل نمو متوسط 7,9 حتى نهاية هام 2023 م ..وهو معدل استثنائي للنمو في العالم يمكن أن يضع الهند على رأس أكبر دول العالم من حيث مستويات الناتج القومي في عقود قليلة وهو مايؤكده الخبراء الاقتصاديون الذين يضعون الهند اليوم في المركز العاشر كأكبر اقتصاد في العالم وثالث أكبر اقتصاد من حيث القدرة الشرائية. ويشارك في صناعة هذا التطور الهائل في حياة الهند أكثر من 520 مليون إنسان ..أي مايقارب نصف سكان الهند يتوزعون على كافة القطاعات الاقتصادية والصناعية والزراعية والتعدينية وغيرها من المجالات الحيوية الأخرى… . ويبقى في الختام سؤال حائر. .لقد شهدت العديد من دول الوطن العربي منذ عام 1960 الميلادية بدايات نهضة اقتصادية وصناعية تمثلت في وجود صناعات خفيفة وثقيلة في عدد منها. ومن المؤسف أن كثيرًا من هذه المصانع تكاد تختفي من الخريطة الاقتصادية العربية.. والسؤال هو لماذا؟!..والله من وراء القصد. ..

عبدالعزيز التميمي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى