المملكة العربية السعودية في عهد الملك سلمان بن عبدالعزيز أثبتت للعالم كله بأنها دولة محورية وصاحبة قرار وتأثير قوي في جميع المجالات، ولم يعد العالم ينظر للمملكة علی أنها دولة منتجة للنفط فقط، بل أصبحت في مصافي الدول الكبری في اتخاذ القرارات وتكوين وقيادة التحالفات السياسية والعسكرية، لقد أعاد الملك سلمان للسعودية هيبتها وقوتها العسكرية الذاتية المعتمدة علی جيشها وسلاحها، فكانت عاصفة الحزم وتشكيل التحالف العربي بمثابة المفاجأة والصدمة لجميع دول العالم سواء من ناحية التوقيت أو السرية، وكذلك كانت مفاجأة أيضا للداخل السعودي فلم يكن أحد يتوقع مثل ذلك القرار الجريء الذي أعاد الشرعية اليمنية، وحرر مدنها ومحافظاتها من دنس الانقلابيين الحوثيين وقوات الخائن صالح، وستشهد الأيام القادمة بعون الله تحرير مدينة صنعاء كآخر مدينة في اليمن، وفي خضم خوض العاصفة في اليمن انبثق منها، الإعلان السعودي عن تكوين التحالف الإسلامي العسكري الذي شمل 34 دولة علی نفس الوتيرة من الجرأة والتنظيم وسرعة التنفيذ، والسعودية قائدة ورائدة في كلا التحالفين ولم تعد تستجدي الشرق أو الغرب في أي أمر يخصها ويتعلق بدورها الإقليمي الكبير في تحقيق الاستقرار والسلام لدول المنطقة وللعالم بأسره، لقد رفع الملك سلمان سقف القوة والريادة ووضع السعودية في مكان التحدي والصمود وليس التابع أو المجامل، وهذا هو ديدن القادة العظماء الذين يفخرون بذواتهم دون الاعتماد علی الغير، ومثلما كانت بالأمس بداية عاصفة الحزم في اليمن، فاليوم بدأت عاصفة أخری بالشام لمكافحة الإرهاب ونصرة إخواننا السوريين من بطش الأسد وعربدة داعش ..
عاصفة رعد الشمال المناورة الضخمة التي احتوت علی حشد كبير من نخبة الوحدات والقوات المقاتلة استعدادًا لخوض المعركة البرية في سوريا في حال فشل الجهود السياسية لحل الصراع القائم. إنها الثقة المطلقة في الله -جل وعلا- ثم في أنفسنا بما لدی السعودية من قيادة جريئة وقوات شجاعة تستطيع أن تحمي حدودها وتنصر جيرانها بالتعاون مع حلفائها؛ لتحجيم الأعداء وصد عدوانهم علی أي دولة عربية.. لقد انتهت سياسة المهادنة وأنصاف الحلول، وحل محلها سياسة القوة والتحدي، من أجل الأمن الوطني أولًا ثم من أجل الأمن القومي والحفاظ علی الهوية العربية .. وكان آخر ما أتخذته السعودية من قرارات سيادية، هو القرار التاريخي الحازم والحاسم بشأن إيقاف المساعدات العسكرية لتسليح الجيش اللبناني وقوی الأمن الداخلي؛ وذلك بعد أن أدركت المملكة أن حزب الشيطان قد سيطر علی إرادة الدولة اللبنانية، فلم يعد هناك دولة عربية لبنانية في ظل هذا الحزب الشيطاني الذي يمتلك السلاح والدعم السياسي من إيران، بعد خضوعه وخنوعه لولاية الفقيه في طهران، وما أن أعلنت السعودية هذا القرار الصائب حتی بدأت أصوات الفرس النشاز تتعالی وتصرخ من قوة الألم والضربات المتتالية، وبالمقابل ظهرت بعض الأصوات السياسية اللبنانية محاولة تدارك ماحصل وتصحيح الخطأ الفادح الذي ارتكبه وزير خارجية لبنان الموالي لحزب الشيطان في مواقفه المخزية تجاه المملكة العربية السعودية، سواء فيما يتعلق بعدم إدانته للعمل الإرهابي الذي ارتكبته إيران في سفارتنا بطهران و القنصلية في مشهد، أو اعترافه المخزيء بالتخلي عن الإجماع العربي والارتماء في أحضان إيران .. إنني من هذا المنبر الإعلامي أؤيد كل الإجراءات التي اتخذتها السعودية، وأتمنی الثبات علی هذا القرار مهما حاولت الجهود الدبلوماسية اللبنانية احتواء الموقف ورأب الصدع، فنحن لا نريد الكلام السياسي فقط والتأسف علی ماحدث، بل يهمنا لبنان كدولة عربية متحررة من تغول الفرس وسيطرتهم عليها، فمتی ما أصبحت الدولة اللبنانية دولة عربية بقيادة رئيس عربي، ومتی ما ألغيت سيطرة حزب الشيطان علی دولة لبنان وتم نزع سلاحه وإعادته للجيش الوطني اللبناني ..فعند ذلك سنرحب بعودة لبنان كدولة عربية ذات سيادة وقيادة .
د . جرمان أحمد الشهري