(إذا كبر إبنك خاويه) من الأمثال القديمة التي كثر تداولها وسماعها من آبائنا والأولين، حقيقة يفتقدها البعض في تربية فلذات أكباده، الذين هم أحوج إلى تطبيقه في زمننا الحاضر، بعد أن أصبحنا وأمسينا مستهدفين من العالم الحقود من حولنا، وقد حثنا ديننا الإسلامي الحنيف على حسن الحوار بالحجة والبراهين دون الحاجة إلى العنف بشتى أنواعه “الجسدي أوالنفسي” الذي سيؤدي بلا شك إلى نتائج عكسية، نتاجها جيل مضطرب المفاهيم والسلوك، ذلك الجيل الذي تتلاقفه أحزاب وجماعات هدامة تستغل فيه روح شبابه وإندفاعه الغير محمود النتائج إلى التهلكة داخل الوطن أو خارجه، حيث مناطق القتال والإنحرافات المندسة تحت ستار الدين والجهاد والإسلام منهم براء، نعم إنه الحوار الذي ندب إليه ديننا الحنيف بما يذكرنا بقصة الشاب الذي دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث عن أبي أمامة ـ رضي الله عنه ـ قال: (إن فتى شابا أتى النبيَّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقال: يا رسول الله، ائذن لي بالزنا، فأقبل القوم عليه فزجروه، وقالوا: مه مه، فقال: ادنه، فدنا منه قريبا، قال: فجلس، قال: أتحبه لأمك؟ قال: لا واللَّه، جعلني اللَّه فداك، قال: ولا الناس يحبونه لأمهاتهم،…) الحديث، إنه درس وموعظة من النبي صلى الله عليه وسلم لهذه الأمة ومعلميها والدعاة في حسن الحوار واللطف بالجاهل لما فيه الصلاح، الحوار الذي يعد مطلب أساس لفلاح الأمة وعزها وبعون الله نصرها على الأعداء، إذ في نهاية الأمر جميعنا نخطئ وليس أدل على ذلك الحديث الصحيح عن أنس رضي الله عنه، أن الرسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (كل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون)، وليس في ذلك دعوة لإقحام أنفسنا في المعاصي، ولكنها حقيقة لحاجتنا إلى الحوار بالعقل والدعوة إلى التوبة، وما شدني للكتابة عن هذا الموضوع حضوري بدعوة كريمة لملتقى مدارس الفرقان الحادي عشر، الذي تتبناه سنوياً رابطة العالم الإسلامي برعاية وحضور معالي أمينها العام الأستاذ الدكتور عبدالله التركي تحت عنوان (الصحة والشباب: قوة..إنتماء..بناء) دراسة تحليلية لصحة العقول والمحافظة على شبابنا والفتيات بإعتبارهم إدخاراً قوياً للوطن ومكتسباته، تحت إشراف مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني وبمشاركة كوكبة من قيادات المنطقة، نعم إنه الحوار المطلب الرئيس للحفاظ على فلذات أكبادنا من الإنجراف نحو تيارات هدامة حاقدة تتربص بنا من كل صوب، لا سيما ونحن نتلمس هذا الإنتشار المهول لوسائل التواصل والإتصالات، والحاجة ماسة لحماية شبابنا المستهدفين في عقيدتهم وإنتمائهم الوطني، وكم نحن في حاجة لتلك الملتقيات التي يحضرها طلاب المدارس والجامعات لتكون مساحة واسعة للحوارات الفكرية من منابعها الصحيحة، وهنا أشير بالإستفهام لا التعجب لرعاية الشباب، ودورها الغائب لمثل تلك الملتقيات الشبابية بعد إنشغالها بالكرة والنواد الرياضية، وفي حوار على صحيفة المدينة لمفتي عام المملكة سماحة الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ، طالب المعلمين والمعلمات وخطباء المساجد ووسائل الإعلام بتحصين الشباب ومحاربة الفكر الضال والعمل على كشف شبهاته ومخاطره على المجتمع، ولنا في قصة الذين استهموا على السفينة في البحر عبرة، وإقرار لسنة تكافل المجتمع وتضامنهم والأخذ على يد المنحرفين بالإبلاغ عنهم، مع ضرورة النصح حتى لا نغرق جميعاً في الضلالات والعياذ بالله، وأختتم بقوله تعالى: (وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَّا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنكُمْ خَاصَّةً ۖ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) (25 الأنفال)..
عبدالرزاق سعيد حسنين