المقالات

” أَيُّها العَزِيزُ .. وداعاً “..

كم كنتَ طيباً ..
كم كنتَ حبيباً ..
كم كنتَ رفيقاً ..
كم كنتَ صديقاً ..
كم كنتَ حنوناً ..

أيها العزيز .. وداعاً ..

نتراخى في علاقاتنا مع مَن نُحِب ..
ونتباطأُ في المبادرة بالوفاء معهم ..
حتى أننا نغضب منهم لأتفه الأسباب .. دون الرجوع إلى أعمالهم معنا ..
أو خدماتهم أو تضحياتهم لنا ..
ولانقدرهم .. إلا عند فقدهم ..
ولانشعر بهم .. إلا عند الحرمان منهم ..

فجأةً تظهر المعزّة ..
وتتسابق خطوات الندم ..
وتتسارع وتيرة الأحلام ..

ليتهم معنا لفعلنا وفعلنا ..
ليتهم هنا .. لقُمْنا وتَحسّنّا ..
لقد كانوا بيننا .. ماذا فعلنا ..

“خُذ بيدي لمدينةٍ لا يزورها الفراق” .. هكذا قال نبال قندس .. أو هكذا كنا نظن .. أنهم لن يفارقونا .. ولا يُهِمّونا ..

وأقول ..
“هناكَ مَنْ لا نَشْعُرُ بِهِم إلا عندَ فَقْدِهِم”

فأين أبي .. !!؟ ..
الذي كانت عيناه تحرسني ..

وأين أمي .. !!؟ ..
التي كانت بدعوتها ترعاني ..

وأين أخي .. !!؟ ..
الذي كنت ألعب معه وأتعارك وأشتكيه ويشتكيني ..

وأين ذلك الزوج .. !!؟ ..
الذي بشقائه وسعيه للرزق دفء بيته وسعادة أبنائه ..

وأين تلك الزوجة .. !!؟ ..
كم صبرت .. وكم أطعمت ..
كم حافظت .. وكم كافحت ..

وأين ذلك الصديق ..
وأين هذا الحبيب ..
وأين أنت أيها العزيز ..

وأين الوفاء .. !!
أين الوفاء .. !!

هذه الكلمة التي أصبحت في هذا الزمان أسطورة نتغنى بها و بأصحابها ..

ولنتذكر ماقاله ابن الأحنف ..

وما هجروكَ من ذنبٍ إِليهم ..
ولكن قَلَّ في الناسِ الوفاءُ ..

وغيَّرَ عهدَهُم مَرُّ الليالي ..
وحانَ لِمُدَّةِ الوصلِ انقِضاءُ ..

وكأن لسان الحال يقول ..
“لو ألقمته عسلا .. لعضّ إصبعي” ..

وهذا مانفعله حقيقة مع مَن أعزونا وأحبونا وبادروا معنا بالجميل ..
وبادرناهم بعكس هذا التفضيل ..

ومن طرائف كلمات الشاعر محمود درويش ..

“لو يذكر الزيتون غارسهُ ..
لصار الزيت دمعاً” ..

وهنا أقول
“لا ترم حجرا في البئر التي شربت منها”
هكذا قيل في المثل الآرامي ..
وداعاً أقولها بِصِدْقْ ..
لمن فقدتهم ولم أُحِسُّ بهم ..
وداعاً أقولها .. كلمة حق ..
لمن فقدتهم ولم أشْعُرُ بوجودهم ..

فلنستشعر فَقْدَ مَن حولنا ..
فلنفترض عدم وجودهم ..
او انتهاء زمنهم بيننا ..

كي نَشْعُرَ بهم ..
كي نُقَدّرُهُم ..
كي نميلُ إليهم ..

فالأب والأم والأخ و الأخت والزوج والزوجة والصديق والحبيب والقريب

بالاحترام ..
بالمحبة ..
بالكلمة الطيبة ..
بالمشاعر الصادقة ..
وقبل ذلك كله .. بالوفاء ..

نكون جيلاً جميلاً يحافظ على غَدِهِ بأحلى القيم وأجملها وأفضلها وأكرمها ..

ونكون أمةً ..
تمثل دين نبيها عليه الصلاة والسلام .. التمثيل الأبهى والأعز والأجمل ..
بين الأمم ..

أيها العزيز .. وداعاً ..
حمزة عصام بصنوي ..

حمزه بصنوي

ماجيستير في الإدارة والتسويق

مقالات ذات صلة

‫5 تعليقات

  1. تشكراتي لك حمزة على هذا المقال الوفي
    والذي أشعر بعطر الوفاء يخرج من بين أحرفه

  2. هم مثل السهم الذي انطلق من الرمية .. وكلماتنا التي احزنتهم -برغم حبنا لهم – انطلقت من نفس الرمية .. فلا الكلمات تعود لنا فنحسنها .. ولا الاحبة يعودون بعد ان عانقوا وعانقتهم اطباق الثرى والتراب .
    احسنت استاذ حمزة

  3. ‏أخّ .. تظنّه وَردة يطلع بُستان

    سلمت يمناك ياابا عرب

    ﻻعدمناك .

  4. كلام مكانه القلب علطول وجعتني اوي وفكرتني باياااام حلوه . تحياتي ليك ولكلامك الرائع الصادق

  5. خذ بيدي لمدينة لا يزورها الفراق..
    ما بالك أخي أبا عصام تفتح علينا
    حرارة جرح غائر.. بارك الله فيك على
    هذا المقال الرائع والمليء بمشاعر مخلوطة
    بالعبر والعبرة الصادقة..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى