( خواطر قارئ )
ما هي إلا أيام قليلة ويشرع معرض الرياض الدولي للكتاب أبوابه لعشّاق الثقافة والكتاب في دورته السنوية ؛ ليبدأ الربيعُ أجواءهُ مفعماً بالقراءة بين دفّات الكتب التي ستُمطر سماء العاصمة بالجديد في شتى صنوف المعرفة .
وفي هذه اللحظات القَبْليّة لافتتاح معرض الكتاب ؛ تكون قوائم القرّاء قد انتصبتْ باختياراتهم من الجديد المُنتظر والآخر الموعود عبر المؤلفين والناشرين الذين باتوا يسوّقون للكتب في معارضها بالعواصم العربية عبر مواقع التواصل الاجتماعي في منحى إيجابي يصنع الوعي في ثقافة جيل اليوم المتابع والمشارك بقوة عبر تلك الوسائط المتعددة .
إن معارض الكتب أعراس مُبْهِجة للثقافة لا تقف عند بيع الكتب وما يصحبها من محاضرات وندوات باتتْ تجترُّ عناوينها ومحاضريها بشكل مملّ كل عام وقفاً على أسماء معظمها بعيدٌ جداً عن الشباب واهتماماتِهم ؛ بل ينبغي أن تلامسَ اللجان الثقافية الواقع عبر لقاءات مفعمة بروح الشباب ، وتنفيذ دورات تدريبية في القراءة والكتابة الإبداعية في القصة والرواية وغيرها ، كما يجبُ العناية القُصوى بثقافة الطفل في المعرض ؛ بحيث تكون هناك فعاليات للأسرة مع تحقيق متطلباتها كحضور في الجانب الخدمي ؛ فالمعرض بالنهاية سوق لابد أن يقدّم ويشوّق ويجذب زبائنه بمختلف شرائحهم واهتماماتهم .
ولا تخلو معارض الكتاب من مجانينها الذين يجرّون أذيالهم معها من مكان إلى آخر يجمعون ما لذ وطاب لهم في دوائر اهتماماتهم التي لا ينضبُ معينها في متابعة جديد الكتاب أولاً بأوّل ، أولئك العشّاق حدّ المرض أحياناً يحتاجون إلى تسليط الضوء عليهم ودراسة طرق الاستفادة من خبراتهم ؛ فقد نشأ في فترة من الفترات علمٌ خاصٌ بهم أطلق عليه “علم نفس الكتب” Bibliosychology يهتمّ بدراسة الكتب والقراءة والمؤلفين والعلاقات المتبادلة بينهم وضعه العالم Nichlas Rubakin في معهده الذي سماه بنفس الاسم في سويسرا بين عامي 1916-1946م وفيه تمّ دراسة ظواهر نفسية متنوّعة للشخصيات في علاقتها بالكتاب : حباً ، وبُغضاً ، وتذوّقاً ، وإدماناً حدّ الجنون الذي يسمّى بـ “البيبلومينيا”!
إنّ جمع الكتب ظاهرة إيجابية يجب أن تتّسم بالنفعية المتبادلة انطلاقاً من ذات الجامع الذي لابدّ له أن يقرأ ويكتب ويتحدّث ويدلّ ويُخبر وينشر فوائد ما جمع وقرأ من كتبٍ في تلازُمٍ لا فكاك عنه ؛ أداءً لزكاة المعرفة التي احتوتها رُفوف مكتبته ولو بعد حين !
حسن محمد شعيب
