عبدالحق هقي

وماذا بعد؟!

منطق الطير: “الخيال أهم من المعرفة. بالخيال نستطيع رؤية المستقبل” – ألبرت أينشتاين

 تفاجئنا وسائل التواصل الاجتماعي بتنافسها الشديد من خلال تطبيقاتها الجديدة والمختلفة، والتي تسعى من خلالها إلى ردم ما يمكن التوهم بأنه الفجوة بين عوالم الشبكة العنكبوتية الموسومة بـ “الافتراضية” والعالم الواقعي، ذلك العالم الذي شُوهت بعض واقعيته واختطفت التقنية بعضه الآخر، حتى بدا عالمًا شاحبًا رتيبًا، لا يمثل الأشياء بصدق كما هي، لا محسوسًا ولا ملموسًا، ولا هو مجرد غير محسوس ولا ملموس، يفتقر إلى راهنٍ يستثير حدس التوقع ويستفز حاسة التخيل. إن مفهوم الزمن وهو يفقد خاصيتي التمدد والتحول في ظل التصاق الناس بالعوالم الشبكية التفاعلية وشبه التماهي مع أدواتها، بات يؤسس لمنهجية مختلفة للتعامل مع الواقع تتجاوز المفاهيم “الرجعية” أو “التقدمية”، مفاهيم تتجاوز التقسيم المؤسس على فلسفة كانط: (النومين والفينومين) الواقع كما في ذاته، والواقع كما يظهر، وتتجاوز أيضًا التقسيمات الهيجلية -نسبة للفيلسوف هيجل- والتي قوامها الواقع المضاعف، والواقع الفائق؛ وفلسفة نفي الوجود الحقيقي، والتساؤل: إن كان ذلك العالم المتشكل (الشبيه) هو ذاته الواقع الجديد. فالتقانة لم تتوقف عند نفي الواقع وإنما باتت تصنعه بعد أن تعدت مرحلة التوجيه والتشكيل، وهي بذلك وإن بدت تتقدم في الوسائل والأدوات، لا شك أنها تتراجع من حيث “التفكير” مستعيدةً استقطاب (الأسطورة) بأبعادها الخيالية الغرائبية كمنطلق لتفسير وفهم الواقع، لكن “الأسطورة” في هذا الزمن لم تعد تستند للخرافة والقداسة في تكويناتها، وإنما لمنطق العلم والتجربة، منطلقةً من أفق الخيال للعبور إلى الخائلية، لا بصورتها المحاكية للواقع فحسب، وإنما العبور نحو مرحلة التفاعلية بعد الاندماج. إذًا فحركة (الفايسبوك) الأخيرة والتي جاءت على ما يبدو لتجاوز النقد الموجه نحو فردانية أيقونة “الإعجاب” وتفصيلها إلى مشاعر عديدة تغطي جزءًا لا بأس به من خارطة المشاعر الإنسانية تجاه الأشياء والأحداث والمواقف، لا تأتي في سياق منعزل بغية إرضاء شريحة من المتفاعلين، وإنما ضمن سياق عام بهدف السعي الحثيث لأنسنة سلوكنا التفاعلي، ومن ثم الشعور بالإشباع العاطفي من خلال التعاطي مع الأيقونات، أي حلول هذا السلوك “الخائلي” محل سلوكياتنا المعتادة.

خبر الهدهد: خارج السرب!!!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى