المقالات

نصف مليون فقط

 أعلنت مجموعة من المواقع الإخبارية قبل أسابيع أن عدد الشهداء السوريين منذ اندلاع ثورتهم في مارس ٢٠١١م ضد الحكومة العلوية النصيرية التي تحكم البلاد منذ عام ١٩٧١م قد بلغ حوالي ٤٧٠ ألف شهيد، وإذا ما أضفنا لهذا العدد من استشهد في مخيمات اللاجئين نتيجة لسوء الأحوال الجوية أو لنقص المواد الغذائية، أو من استشهد في عرض البحر في محاولات يائسة للجوء لدول أوروبا، نجد أن العدد يصل تقريبًا لحوالي نصف مليون شهيد .

نصف مليون شهيد من أبناء الشام ذهبوا ضحية الحرية والكرامة التي نادوا بها في ثورتهم ولا تزال أرقام العداد تتغير بسرعة جنونية، والشهداء يتزايدون ليس بالأفراد فقط، ولكن بالعوائل التي تتهدم عليهم منازلهم بفعل القصف الروسي المستمر على مُدن وقرى وأرياف الشام. ماذا يحدث في أرض الشام ؟! أمور كثيرة يُحار فيها اللبيب، وصمت القبور يخيم على المشهد من القريب والغريب. رحل الرئيس ابن علي وبقيت تونس، ورحل القذافي وبقيت ليبيا، ورحل مبارك وبقيت مصر. هل تغيرت المعادلة ؟! هل المطلوب أن يرحل كل السوريين وتزول سوريا أو تقسم ليبقى بشار الأسد ؟ يبدو أن الأمر أكبر من بشار الأسد وثورة شعبه بكثير، فقد استنفذ النظام السوري كل طاقاته واستخدم جميع أنواع البطش والإبادة ضد شعبه لوأد الثورة وباءت جميع محاولاته بالفشل، وتدخل “حزب الله” لنصرة النظام الأسدي وعادوا بجثث عناصرهم إلى ضاحيتهم في التوابيت، وأرسلت إيران مرتزقتها من العراق وأفغانستان وغيرها فخابوا وخسروا ولم ينجحوا في هزيمة ثورة الشعب، وشاركت بخبرائها العسكريين وقادتها الميدانيين فعادوا بخفي حنين يرددون يا زينب ويا حسين . ثم بدأ التدخل الأمريكي ثم الروسي ومن بعده الفرنسي، حتى بتنا نعتقد أن سوريا هي ألمانيا النازية في الحرب العالمية، ولكن المطلوب ليس رأس هتلر ولكن رؤوس جميع السوريين تحت مسمى مكافحة الإرهاب. وتوزيع الأدوار مستمر بين القوى الدولية المتسلطة على بلادنا . وسواء كنا نفهم في السياسة أو لا نفهم، ونستطيع قراءة ما يحدث على أرض الشام أو اختلطت علينا الكلمات بأنهار الدماء المراقة من الشعب السوري المغلوب على أمره، فإن الهدف الرئيسي حسب فهمي لكل ما يجري هو المحافظة على أمن وسلامة ووجود إسرائيل، فلا يمكن للعاهرة المدللة أن تقبل بجار على حدودها يقل خيانة ودناءة وعمالة عن ( آل الأسد) والبقية هم الرعاة الرسميون لتحقيق هذا الهدف؛ ولتحقيق هذا الهدف الحقير فلا سقف لدى الرعاة الدمويون ومن خلفهم سيدة القتل الأولى لأرواح السوريين التي تزهق، حتى وإن بلغت مليون شهيد أو تزيد .

اللهم اشتدت بأهلنا في الشام الكروب، واجتمع عليهم الأعداء من كل صوب، ونادى مناديهم “إني مغلوب”؛ فانتصر لهم يارب.

 طارق عبد الله فقيه

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى