منذ أن تولى معالي الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن عبدالعزيز السديس مسؤولية رئاسة شؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي، بدأنا نلحظ تحركًا قويًّا يعتمد على تطوير الحاضر والإعداد للمستقبل في كافة الخدمات التي تقدمها الرئاسة للمعتمرين والحجاج والزوار، ولا يعني هذا إقلالًا من عطاءات من سبقوه، لكن الشيخ الدكتور عبدالرحمن السديس برز تحركه بكل موقع، فرأينا إضافة لخدمات الرئاسة للمعتمرين والحجاج والزوار، خدمات أخرى تُقدم سواء تمثلت في المهرجان الوطني للتراث والثقافة بالجنادرية أو مركز سلطان بن عبدالعزيز للعلوم والتقنية الذي تنظمه جامعة الملك فهد للبترول والمعادن أو معرض الكتاب مؤخرًا. وقبل أيام قليلة مضت توقفت أمام خبر رعاية معاليه حفل تخريج الدفعة الأولى من متدربي مصنع كسوة الكعبة المشرفة بالمعهد الصناعي الثانوي بمقره بمكة المكرمة. وما أوقفني أمام الخبر هو الخطوة التي اتخذتها الرئاسة لإعداد وتأهيل الشباب لتولي مسؤولية حياكة كسوة الكعبة المشرفة مستقبلًا، لتستمر عملية حياكة الكسوة بأيدي سعودية نفخر بها، فشبابنا السعودي يدرك تمامًا المسؤولية الملقاة على عاتقه، ويرى أن العمل في حياكة ثوب الكعبة المشرفة شرف يتمنى كل مسلم القيام به، وهم يتشرفون بهذا العمل الإسلامي الجليل. وإن كانت من كلمة شكر توجه فهي لمعالي الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي الشيخ الدكتور عبدالرحمن السديس، الذي أدرك أن إعداد الشباب وتأهيلهم لا يعتمد على جهة دون أخرى وأنه ينبغي لكافة القطاعات الحكومية والأهلية أن تفسح المجال للشباب وتعدهم لتحمل المسؤولية المستقبلية، ومن المؤكد أنه واجه من عارضوا فكرته واعتبروا أن إقبال الشباب على حياكة كسوة الكعبة المشرفة لن يجد القبول وستفشل الدورة، وإن استمرت فلن يتجاوز عدد خريجيها أصابع اليد الواحدة . وبتخرج الدفعة الأولى يمكننا القول بأن معالي الشيخ الدكتور عبدالرحمن السديس استطاع كسب التحدي مرتين، الأولى في إعداد المتقدمين من الشباب للالتحاق بالبرنامج، والثاني في استمرارهم وعدم تراجعهم وتقلص أعدادهم . والخلاصة أن الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي تنبهت للمستقبل مبكرًا، وأدركت أن الضرورة تقتضي إفساح المجال أمام الشباب السعودي لتعلم حياكة ثوب الكعبة المشرفة قبل إحالة العاملين الحاليين إلى التقاعد، والبحث حينها عن مؤهلين للعمل سواء من الداخل أو الخارج، وليت جميع قطاعاتنا تنهج نهج الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي وتبدأ في تأهيل الشباب لتولي المسؤولية مستقبلًا، ولا تقف عند حد غياب الخبرات وعدم قدرة الشباب السعودي، وتغيب شبابنا عن العمل وتغلق أمامهم أبواب المستقبل الذي يسعون للوصول إليه .
أحمد صالح حلبي