إيوان مكةخواطر قاري

ثقافة وشباب في معرض الرياض للكتاب

لكل معرضٍ للكتاب نكهته الخاصة التي يطبعها المكانُ والزمان على روح الثقافة ، وينقشها ملامحَ طلعة بهية تعلنُ للجميع حضور العلوم والمعارف والفنون في رحابها ضيقاً واتساعاً .
انطلقت إجازة منتصف الفصل الدراسية ورافقتْ معها افتتاح معرض الرياض الدولي للكتاب في موافقة قلما تحصل ؛ أراحت عشاق الكتب من ضيق الوقت وسرعة الزيارة للمعرض في بحبوحةٍ امتدّت حتى آخر أيام الإجازة .
كانتْ الرياض سعيدةً بتلك الموافقة التي انعكستْ على المنظمين والفرق الشبابية التطوّعية الذين كان عددهم هذا العام أكبر مما سبق خاصةً في ظلّ القيادة الشبابية للتنظيم بالمعرض .
لقد انعكست روح الشباب على أرجاء وأنشطة المعرض ، ولعلّ أهمها ثقافياً الندوات والمحاضرات المصاحبة التي أولت قضاياهم اهتمامها خاصةً في مجال القراءة والكتابة والتأليف ولعلّ أهمها ندوة “تجارب الشباب” بموضوعاتها الأربعة التي أدارها وقدمها وناقشها الكتّاب الشباب أنفسهم ، وكانت منبراً مهماً للتعريف بهم رغم قلة الحضور الذي لم يجاوز ربع القاعة !
ظهرت الإدارة الشبابية بشكل جيد في مواقع التواصل الاجتماعي ( تويتر والانستجرام ) ؛ حيث كان حساب المعرض بهما يردّ أولاً بأول على الاستفسارات وينشر المستجدات من أحداث وزيارات وجداول التوقيع على المنصات .
كانت أركان الشباب المتطوعين في بهو المعرض أمام بواباته أكثر تفاعلية وحضوراً مع زوار المعرض ؛ وكان الأولى منحهم موقعاً مجانياً داخل المعرض ؛ ليعطوا بعض الحيوية بين دور النشر التي بدا بعضها صامتاً من أي حركة للزوّار !
أما الخدمات بالمعرض فكانت متكاملة من مواقف ونقل ترددي ومطاعم وكافيهات ودورات مياه وتوفير للعربات بيعاً بأسعار معقولة لم تتجاوز ٣٠ ريالاً رغم أنها نفسها قبل سنوات كانت تباع به بين ٥٠-٦٠ ريالاً !
تمّ تقليص دور النشر والجهات المشاركة عن العام الماضي بمعدّل الثلث ؛ ومع ذلك كانت الدور المشاركة هي الأهم في عالم النشر العربي تقريباً مع ندرة الدور الأجنبية حتى أن الدولة الضيفة هذا العام اليونان لم يُدعم حضورها بنتاجها المطبوع أو المترجم في المعرض ؛ فكان جناحها باهتاً يمرّ الزائرون عليه دون أدنى التفات !
رغم وجود جائزة لكتاب العام أعلن عن فائزيها وكتبهم قبيل افتتاح المعرض ؛ إلا أن الزائر يدخل ويخرج من المعرض دون أي إشعارٍ بذلك ؛ فحبّذا لو خدمتْ تلك الكتب الفائزة تسويقياً بأن توضع جدارية  بأغلفتها على امتداد بوابات المعرض ؛ وكذلك يكون هناك لوحة إعلان كبيرة إلكترونية للكتب الأكثر مبيعاً بكل يوم من أيام المعرض .
حملت منصّات توقيع الكتب الجديدة الكثير من المفارقات ؛ فمن كتب ازدحم الزوّار حولها ككتاب “مع المعلم” للدكتور عزام الدخيل وزير التعليم السابق ، إلى أخرى اكتفت بأصدقاء المؤلف بما لا يتعدى أصابع اليد الواحدة ! ناهيكَ عن المفاجآت في اعتلاء المنصة لكتب الطبخ وأخرى عبارة عن أخلاط في الأجناس الأدبية لا تدري أشعر هي أم نثر وإن فرقت بينهما ضيّعتكَ فوضى اللغة والنحو والإملاء في جنباتها ! مما يجعلنا نتساءل عن معايير قبول الكتب للتوقيع وعلى أيّ أساس قبلتْ تلك الإصدارات الغريبة ؟!
لاشك أن الجميع فرحوا بتلك الأعداد الكبيرة من زوار معرض الكتاب رجالاً ونساءً كباراً وصغاراً ؛ وهذه ظاهرة إيجابية وجميلة أن يكون متنفّس المجتمع نحو القراءة والكتب كملتقى واجتماع يحقق السعادة للناس خاصةً في ظلّ قلة الأماكن والمتنفّسات التي يشترك فيها كل أفراد العائلة .
ورغم التنظيم الشبابي للمعرض إلا أن الجانب الدعائي لمعرض دولي كان مقصراً هذا العام ؛ فلا يوجد نشرة يومية للمعرض ولا دليل للكتب المشاركة ورقياً أو إلكترونياً ! فالداخل للرياض عبر المطار أو البر لا يجد تلك اللافتات عن المعرض كتظاهرة ثقافية دولية ، فعلي سبيل المثال بمعرض الشارقة للكتاب منذ نزول المسافر مطار دبي وعلى امتداد الشوارع وفي استقبال الفنادق المجاورة للمعرض تجد اللافتات والبروشرات المعلنة عن المعرض كحدث مهم بالبلاد !
إن تحدي القراءة العربي ليس في قراءة ٥٠ أو ١٠٠ كتابٍ بل في الشعور بأهمية الكتاب والتفاعل معه في شتى مناحي الحياة ؛ لأن القراءة حياة لابدّ أن نعيشها بكل تفاصيلها .
– آخر خَطْرَة :
أتمنى أن يتولى الشباب قيادة معرض جدة للكتاب العام القادم أسوةً بمعرض الرياض وتغيير الصف القديم كاملاً إلى قيادات شابة واعية لا أعتقد أن مدينة كجدة تخلو منهم ؛ ولنشعل التنافس بين الشباب في إنجاح مثل تلك التظاهرات الثقافية وغيرها .
حسن محمد شعيب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com