عبدالرحمن الأحمدي

الذين يعلمون لا يتكلَّمون. .!!

تتيح الجامعات الرَّاقية في كلِّ أرجاء الدنيا تخصصاتٍ مختلفةٍ نظريَّة كانت أو علمية لالتحاق الطلاب المتخرجين من المدارس في المجالات المرغوبة والمتوفرة لديها ضمن أقسامها المتعددة،فيتأهل الطالب في المستقبل القريب بعد سنين عدة متخصِّصا في علم ما، ومتزودًا بالمعلومات الملائمة .. والمهارات اللازمة .. والتعرف على طريقة البحث العلمي في مجاله .. والاطلاع على كلِّ ما هو مميَّز وجاذب في رحاب العلم. وإن ممَّا يثير دهشتَك واستغرابك وجود فئة معيَّنة في المجتمع تتكلَّم في كلَّ المجالات المتنوعة دفعة واحدة .. وفي جلسة واحدة .. وفي ساعة واحدة..!! وإن أردت إضافة التفاصيل الجانبية فلا مانع لديهم فكلُّ شيء متاح بلا حدود، فالكلام لديهم ليس عليه جمرك..!!

وحقيقةً عندما يأتي شخص ويملك معلومةً جيدةً في السياسة مثلاً، وعلى قدرٍ مناسب للتحدث فيها، والمناقشة الموضوعية حول حدث ما، تجد هناك نموذجًا من تلك الفئة المذكورة يتصدَّى للحديث في شتَّى أمور السياسة وقصصها وأحداثها المتعاقبة وسنواتها القديمة وسنواتها الحديثة والربط بين الأحداث والسنوات وعلاقة الشرق بالغرب عامة وسبب تنصيب رئيس دولة معينة وتنحية آخر إلى نهاية الفكرة المتداولة، وحين الانتقال إلى موضوع آخر في الاقتصاد تجده من أوائل المتحدثين فيفسر سبب انهيار سوق البورصة في البلد الشمالي أو البلد الجنوبي .. وسبب انخفاض النفط وخاصة في الفترة الأخيرة .. وسبب ربط سعر الريال السعودي بالدولار الأمريكي على مدى كلِّ ما مضى ويمضي، وقس على ذلك في الشؤون المختلفة من الشؤون العسكرية والثقافية والاجتماعية.

وقد يتسآل البعض منا وهل الحديث متاح لأهل الشهادات العليا وأصحاب التخصص فقط؟ والإجابة : بالطبع لا.. فالحديث وخاصةً إذا كان ليس على المستوى الرسمي فلا مانع في فتح الحوار البناء والنقاش الهادف للجميع بلا تميز.. ولكن بشرط وجود المعلومة، الصادقة المستمدة فعلاً من مصدر معلوم موثوق، وليس مأخوذًا من وكالة ما تسمى ( يقولون)..أو من خلال المصادر المجهولة في وسائل التواصل الاجتماعي؛ فالبعض يتلقف المعلومة هكذا بلا تأنٍ وتروٍ وتحققٍ من مصداقيتها وحقيقتها .. بل ويفرض ذلك على غيره من خلال تأكيداته، ووضع بصمته الخاصة حتى نصدقه، ونقتنع بما نقل من حقائق مزيفة،
يقول المستشارالاجتماعي القديرخالد الصماني:
“ذلك الشخص الذي يرسل لك رسالة ثم يلحقها بعد دقائق برسالة أخرى تنفي محتوى أو مضمون الرسالة الأولى..!!جميل منه أن اتخذ بنفسه قرار تصحيح الخطأ الذي سعى في نشره..لكن الأجمل ألا يسمح لغيره أن يجبره أصلاً على قرار نشر الخطأ؛ لذلك نقول له ليته لم يفعل ذلك أساسا.. قال صل الله عليه وسلم: ((كفى بالمرء إثما أن يحدث بكل ماسمع)).. وأتذكر مقولة جميلة وذكية للدكتور غازي القصيبي – رحمه الله حين قال: الذين يعلمون لايتكلمون والذين لايعلمون يتكلمون!! إشارة صريحة بأن رجال الدولة والقريبين جدا من صناع القرار والمطلعين على بواطن الأحداث لا يتحدثون فيما أؤتمنوا عليه فقد أعطوا الثقة الكاملةوالمسؤلة، فإذا هم لا يبيحون بمالديهم فمن أين لغيرهم بالمعلومات والتحليلات الفريدة والعجيبة في كل شأن وكل موضوع؟

إعجابي وتقديري لصاحب هذه المقولةالرائعة.. رب كلمة قالت لصاحبها دعني. .!! وهناك وفي زمنه استخدم هذا العربي الحكيم كلمة واحدة، ولويعلم حالنا في هذا الوقت الحاضر لغير مثله الصائب إلى رب كلمات قالت لصاحبها دعني..!!

عبدالرحمن عبدالقادر الأحمدي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى