يخطئ من يعتقد أن للحياة وجه واحد لايتغير..ولايتبدل..ويخطئ أكثر أولئك الذين يصابون بإلاحباط واليأس لمجرد مرورهم بتجربة قاسية أليمة فلا يكاد يرون في الحياة شيئًا جميلًا. ويتوقفون عند حدود هذه التجربة لا يتجاوزونها. يقول (وليام جويس) الفيلسوف الأمريكي وعالم النفس المرموق الذي يُعد واحدًا من أكبر علماء عصره. كنت أنظر إلى الحياة من حولي كما لو كانت شجرة يانعة لا تجف أغصانها أبدًا..تصمد للخريف ولاتبالي للعطش في فترة الجفاف. وليس معنى ذلك أنني لم أصادف لحظات ألم..فقد عانيت وعانيت كثيرًا.. ولكنني في كل مرة كنت قادرًا على التخلص بسرعة على أسباب معاناتي….حتى أحافظ على تلك البسمة التي تعوّد تلاميذي في الجامعة أن يروها على وجهي كلما لقيتهم كل صباح في قاعة المحاضرات. . وهكذا بقيت صورة الشجرة المورقة المثمرة أمامي دائمًا إلى أن جاء يوم وكنت أظنه أنه لن يأتي أبدًا …فقد حملوني إلى المستشفى للعلاج من عارض صحي مفاجئ ألَمَ بي ..وتوقعت أن أستعيد صحتي بسرعة وأعود لممارسة نشاطي في التدريس والتأمل والكتابة..ولكن شيئًا مما توقعت لم يحصل .. وازدادت حالتي الصحية سوءًا. .. وطالت فترة مرضي. ..ومن خلف زجاج نافذة غرفتي بالمستشفى نظرت من حولي..ويالهول مارأيت. .رأيت شجرة الحياة تلك التي لم أعهدها إلا وارفة الظلال مشرقة . .رأيتها وقد جفت أغصانها وتناثرت أوراقها الصفراء تحتها..وحزنت حزنا عظيمًا..وشعرت وكأنما رائحة الموت تملأ أجواء الغرفة التي أرقد فيها. وفي تلك الليلة زارني أبي ..وحاولت أن أخفي عنه ألمي وحزني.. كتمت مشاعري..وحبست دموعي..ولكنني كنت واهمًا..فإنني لم أستطع أن أخفي عنه شيئًا مما ألَمَ بي..ولاحظ أبي محاولتي إخفاء ماأشعر به من ألم وحزن فزاده ذلك همًا وحزنًا. ..فقال لي وهو يلمس جبيني بقبلة حنونة ..رائعة..نسيت يابني أن أقدم لك هذهِ الرسالة لقد سلمها لي أحد أستاذتك مع هذه الباقة من الزهور…وفتحت الرسالة بسرعة..ورحت أقرأها قال لي أستاذي الذي أحببته دائما.. لا أجد ما أقوله لك في مرضك سوى بضع كلمات قصيرة قد تجد فيها ما أريد أن أعبر لك عنه ..أنني أحبك يابني..ثم أنني أقدرك فأنت شاب نابه..يتوقع لك مستقبلًا عظيمًا ..لا تدع المرض ينال منك ..فنحن جميعًا نترقب يوم خروجك من المستشفى سليمًا معافى ….وبكيت كما لم أبكي في حياتي..لم أكن أبكي من الألم، بل كنت أبكي من الفرح والسعادة..التي غمرتني حتى أنستني آلامي وأحزاني… ومرضي …وأسرعت إلى أبي مما أثار دهشته.. واستغرابه. .فقد كانت المرة الأولى التي يراني فيها ضاحكًا منذ إصابتي بالمرض …وفي تلك الليلة قررت أن أرد على هذه الهدية الغالية التي أهداني إياها أستاذي..لقد قررت أن أعيد ماسبق أن كتبته في كتابي (مبادئ علم النفس) بعد أن اجتاحتني مشاعر رائعة، وجلست على فراشي لأدون أعظم صفة اكتشفتها في الإنسان ألا وهي الحنين إلى التقدير..الشعور بأن هناك أناسا..إلى جانب إلى هؤلاء الذين تسعد بحبهم لك وعطفهم عليك ..أناس يذكرونك ويقدرون عملك. …؟!
عزيزي تلفت حولك فربما هناك من يحتاج إلى كلمة تقدير منك، تعيد إليه ثقته بنفسه وربما تفتح أمامه آفاق لاحدود لها من الفرح والسعادة والنجاح.
عبدالعزيز التميمي
شعور الكاتب يستخق التقدير من القراء
تابعت مقالات أ. عبدالعزيز ووجدت فيها الخير العميم تحفيز وتشجيع ونصح وتوجيه وثقافة عاليه انك عن فكر راقي