أحمد حلبي

التدريب والتحكيم تجارة الفاشلين

قبل سنوات قلائل مضت كانت البدايات الأولى لمراكز تدريب الموارد البشرية الخاصة، كانت خطواتها الأولى معتمدة على مسار علمي سليم يعتمد توفير مقر مناسب يتوافق والمناخ التدريبي والتعاقد مع مدربين مؤهلين من داخل المملكة وخارجها، وإخضاع البرامج التدريبية لدراسات تتوافق واحتياجات السوق المحلية، مستهدفة إعداد وتأهيل الشباب السعودي . واستمرت المراكز التدريبية تسير على خطى علمية وتعليمية، حتى جاءت اللحظة التي حولت نسبة كبيرة منها إلى ما يشبه محلات تجارية داخل تعتمد على الربح والخسارة لا على الإعداد والتأهيل، وعزا الكثيرون السبب في ذلك إلى ما تعرضت له مراكز التدريب من غزو المرتزقة لأروقتها، ممن يحملون مؤهلات علمية مزورة، مرفقة بشهادات مدربين مشتراة. وقد يكون السبب الرئيسي فيما تعرضت له مراكز التدريب، نتيجة لغياب الرقابة الدائمة والمتابعة المستمرة لها، فالمؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني التي تعتبر الجهة الحكومية المسؤولة عن مراكز التدريب، انحصر دورها في التصديق على الشهادات الصادرة، دون أن تسأل عن المركز والدورة المقدمة ؟ والمدرب وتخصصه ومؤهلاته ؟ وأدى غياب الاشتراطات لافتتاح مراكز التدريب والمعلومات عن المدرب إلى سعي المرتزقة لافتتاح مراكز تدريب وتنظيم دورات ومنح شهادات، وأصبحت عملية التدريب عملية تجارية لا تدريبية، وباتت عملية جذب المتدربين معتمدة على مسمى الدورة لا محتواها العلمي، والمدرب الذكي هو من ينظم دورة ذات عنوان جذاب ليضمن تسجيل أكبر عدد من المتدربين، كما حدث في الدورة التدريبية التي نظمت تحت عنوان “هل المرأة إنسان؟!” والتي أثارت جدلًا واسعًا في المجتمع السعودي . ولم يكن هذا هو المدرب الوحيد الذي يلفت الأنظار ويثير الجدل، فقد سعت إحدى السيدات التي أسبقت اسمها بعبارة “مستشارة تدريب ومحكمة تجارية”، ببعث رسائل تتضمن قدرتها على تقديم دورات تدريبية متخصصة يحصل في نهايتها المتدرب أو المتدربة على دبلوم في شتى المجالات، فهي لديها قدرات لا تعد ولا تحصى تمكنها من منح دبلومات في التخصصات التالية : ” دبلوم بروتوكول العلاقات العامة، دبلوم الجودة في التوجيه والإرشاد، دبلوم الأمن والسلامة في المنشآت، دبلوم الجودة في الموارد البشرية، دبلوم المدرب المعتمد، دبلوم صعوبات التعلم، دبلوم الإدارة الاستراتيجية والتميز الإداري، دبلوم الصحة المدرسية”، وقدرت مستشارة التدريب هذه على منح دبلومات نظرية وعملية يذكرنا ببضائع سوق حوش بكر بشارع المنصور في مكة المكرمة الذي تجد فيه الكثير من المعروضات لدى بائع واحد، لكن المشكلة أن جل بضائعه إما مسروقة أو عطلانة . وأعود للقول بأن مراكز التدريب ومدربي الموارد البشرية بحاجة إلى وقفة جادة من قبل أجهزة الدولة قبل أن يتحولوا إلى داء يسري في جسد المجتمع ويصعب استئصاله، وأملنا أن نرى تحركًا عمليًّا يقضي على مدربي الغفلة الذين أضروا بالمدربين الشرفاء. وينبغي أن يكون المدرب حاصلًا على مؤهل تدريبي معتمد من قبل المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني، ولا ينظر لمؤهله التعليمي ما لم يتم اعتماده من وزارة التعليم، ويكفينا حاملين للمؤهلات المزورة في كل مكان نزوره .

 أحمد صالح حلبي

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. نعم أستاذي الكريم

    التدريب أصبح تجارة ونحتاج من ينقذنا من هذا الغثاء ويضمن لنا تدريبا نافعا يعود على الوطن بالنفع .
    سبق وكتبت مقال في صحيفتنا هذه بعنوان تجارة التدريب اشتكي فيه من عدم مراقبة التدريب والمدربين .
    تحياتي لك على هذا المقال الهادف الذي ينضح بالوطنية .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى