العاطفة الدينية لدى إخواننا المصريين عاطفة جياشة ، تلمسها تخرج من حناجرهم وهم ينصتون للتلاوات العذبة للقارئ الشيخ عبد الباسط عبد الصمد أو الشيخ الحصري فلا يملكون بعد كل آية إلا أن يهتفوا في خشوع ” الله ” . وتستشعر هذه العاطفة عندما يقطع المصريون أحاديثهم ومشاجراتهم أو حتى الخطب التي تلقى عليهم ليصلوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ويعطرون بالصلاة عليه أفواههم ، فتسمع مناديهم يهتف ” ما تصلوا على النبي ” أو ” صلوا على رسول الله ” أو سمعونا الصلاة على الحبيب . كما تجد هذه العاطفة طاغية في حبهم وتعلقهم بآل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم كالحسين والسيدة زينب رضي الله عنهم وعن جميع الآل والصحب إلى يوم الدين . وتشاهد هذه العاطفة بجلاء على ملامح وجوههم عندما يزور المصريون الحرمين الشريفين لأول مرة وتقع أعينهم على الكعبة المشرفة أو قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فترى الحب يتقطر من أعينهم والاندهاش والتعلق الشديد يكسو ملامحهم. وتحس بهذه العاطفة عندما يسألونك عن أئمة المسجد الحرام كالسديس والشريم والمعيقلي ويودون مشاهدتهم عن كثب ومصافحتهم والسلام عليهم.
هؤلاء هم المصريون كما عرفونا وعرفناهم ، وكما أحبونا وأحببتاهم ، علماؤنا ومعلمونا ، وما منا أحد إلا ودرس على أيديهم أو تتلمذ على يد من تتلمذ على يد المصريين . فالعلم في مصر كماء نيلها لا ينضب ولا يتوقف عن الجريان . ولا تشاهد بناءً في بلادنا إلا وللمصريين فيه يد أو مغرز أو لمسة ، مهندسون كانوا أو فنيون أو فنانون . فلهم دائما قصب السبق والريادة في الفنون والمعمار وأعمال التشييد والبناء . قال صلاح الدين الصفدي :
من شاهد الأرض وأقطارها
والناس أنواعاً وأجناساً
وما رأى مصر ولا أهلها
فما رأى الدنيا ولا الناسا
ومكانة السعودية في قلوب المصريين تقوم على أساس من العاطفة الدينية المتينة والتي مبدؤها وجود الحرمين في أراضي المملكة العربية السعودية ، ورعاية حكام السعودية للحج والعمرة وتفانيهم في خدمة ضيوف الرحمن . وكانت مصر العظيمة على مر التاريخ هي العمق الاستراتيجي لبلاد الحرمين ، وكنانة المسلمين ، وصمام أمانها الأمين . وهكذا ينبغى لها أن تبقى قاسماً مشتركاً لكل قضايا العرب والمسلمين ، وعاملا أساسيا في استقرار بلدانهم والمحافظة على وحدة ترابهم.
وخيراً فعل حكامنا عندما انحازوا للشعب المصري في ثورته ، وهذا الموقف يسجل لهم ، فالحكومات تأتي وتذهب ولكن العلاقات بين الشعوب التي يجمعها دين واحد ولغة واحدة ومصير واحد هي التي تبقى وتدوم . وقد أوصى رسول الله صلى الله عليه وسلم بأهلها بقوله : ” أحسنوا إلى أهلها فإن لهم ذمة ورحماً ” . ودعم بلادنا لمصر والذي يتجلى في زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز لمصر هذه الأيام هو دعم للشعب المصري قبل كل شيء ، وهو الشعب الذي يحمل هم الأمة ويقدم أرواح أبنائه دفاعاً عن دينه ومقدساته وأراضيه . جمع الله شمل المصريين ، وثبت أهلها على الحق المبين ، وولى عليهم خيارهم من الحكام الصالحين المصلحين ، ورد لمصر أمنها واستقرارها لتكون سداً منيعاً في وجوه أعداء الدين . آمين .
طارق عبد الله فقيه
قلم متميز واختيار موفق وننتظر منك المزيد و نعلم ان لديك الكثير سلمت الأيادي.
حفظك الله يا أبا عبد الله
متميز دائما
نفع الله بك وبأرائك
فعلاً الشعب المصري شعب طيب جداااا ونلمس ذلك من خلال الاحتكاك المباشر بهم في موسم الحج …