المقالات

وجهة نظر في قرار تنظيم الهيئة

 التنظيم الذي صدر من مجلس الوزراء لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو خطوة كانت منتظرة بشكل عام..وربما كانت بعض التوقعات لا تستبعد دمج الهيئة في أي جهاز رسمي قائم مما له تشابه أو تقاطع في الأدوار..منذ صدر القرار والعديد من منسوبي الهيئة الكرام وكثير من المتعاطفين مع هذا الجهاز المهم يعبرون في كافة وسائل التواصل الاجتماعي عن اعتراضهم على القرار خوفا أنه نتاج ضغوطات من تيارات تغريبية أو خشية مما يتوقعون أن تصير عليه الحياة في المجتمع السعودي بعد منع الهيئة من صلاحية التوقيف والتفتيش..في البداية لا أظن من الحكمة معارضة الدولة في قرار تنظيمي وإظهارها وكأنها قاصرة في رؤيتها..وإن كنت مؤمنا بضرورة النصح لولاة الأمر فيما فيه تحقيق المصالح..بل والانكار عليها لو وقعت فيما فيه إقرار مقطوع به لما حرمه الله..وهذا مبدأ شرعي تدعو له الدولة ذاتها..لكني لا أرى أن القرار التنظيمي لأعمال جهاز الهيئة واختصاصاتها مما يندرج في ذلك..وإن كانت بعض الأخطاء القليلة من أفرادها ربما ساهمت في تعجيله..كما من المهم أن ندرك بأن وظيفة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هي وظيفة الدولة بشكل كامل وليست وظيفة قاصرة على جهاز محدد ينتسب للجهات الشرعية..وهذه الصورة المغلوطة للأسف هي السائدة في الأوساط الغيورة الحريصة على الهيئة. فكل من يكون عمله مما طبيعته الاحتساب على ما من شأنه الإضرار بالناس في عقيدتهم ودمائهم وأموالهم وصحتهم وعقولهم فهم تماما آمرون بالمعروف وناهون عن المنكر مثل من يحمي الأعراض..مثل رجال الشرطة والجمارك ومكافحة المخدرات وجهات حماية الأطفال والنساء من العنف والدوريات والمرور ومراقبي الأسعار في الأسواق ومكافحة الغش التجاري ومراقبي البلدية وغيرهم كثير..ولا شك أن عمل جهاز الهيئة فيه خير كثير سابقا.. ولهم إنجازات كالشمس لا ينكرها إلا حاقد أو معاند..ولكن الجهاز حتى في هذا التنظيم لا زالت له مساحة عمل مؤثرة وعظيمة..ومن الخطأ الفادح تصوير الأمر وكأن الجهاز تحول أثرا بعد عين.. وكم غضب منسوبو الهيئات وكثير من المتعاطفين معهم وهم غالبية المجتمع عندما سحبت منهم سابقا صلاحية التحقيق والإيقاف في غرف التوقيف داخل المراكز..وكم تباكوا بشعور صادق خوفا على انجراف المجتمع تجاه أتون الفساد..ومع ذلك بقي أثرهم كبيرا..لأن الخير هو الأقوى والأعظم في مجتمعنا.. ولأن أدوارهم لا تزال فعالة وباقية بشكل كبير..بل ربما ظهر لهم تميز وبركة في مجالات الأمر بالمعروف احتاجها الناس وكانوا عنها في شغل..وهنا لا أستطيع أن أتجاوز المبالغات في تضخيم الأخبار الصادقة لحالات وقضايا الأعراض التي يتعامل معها الجهاز الكريم..ولست أقلل من دوره..بل أؤكد أن للجهات الأخرى دور عظيم كذلك في حماية الأعراض والفضيلة سواء للشرطة أو بقية الجهات الأمنية والاجتماعية..وكما في جهاز الهيئة من خير عظيم يشاد به فكذلك في إخواننا في الأجهزة الأخرى خير كذلك..وكما في هذه الأجهزة من فساد وخلل يشار له ففي الهيئة من الوقائع والممارسات شيء من ذلك كذلك..والله المستعان..يبقى أني كثيرا ما أرى أن طوفان الشهوات في مجتمعنا لم تغطي الهيئة فيه سوى مساحة ضئيلة جدا..ومن يرغب الحرام في كل مكان فالقدرة متاحة أمامه في زماننا هذا كما غيره من الأزمنة السابقة إلا أن يردعه الخوف من الله..وبالتالي فلا أظن أننا أمام صورة نقية مع وجود الهيئة وسيضيع المجتمع بعد هذا التنظيم الذي لم يلغها ويحوله إلى حالة مناقضة..لا زلت أؤكد أن القرار لا يتجاوز رؤية تنظيمية للدولة لا يمنع من تأملها وإن تبين فشلها أن تتراجع عنه..والهيئة وفق القرار باقية في ممارسة دورها العظيم الذي لا يستلزم الإيقاف والتفتيش..أؤكد على أهمية الحث والمطالبة بمحاسبة الأجهزة الرسمية التي أوكل لها الموضوع في القبض والتفتيش لو ظهر منها تقصير..وأرجو أن إسناد الموضوع لها ربما ساعد على إصلاحها وشعورها بالمسؤولية..كما أحترم وأتفهم وجهات النظر الأخرى مع عدم اتفاقي مع من يعبر عن رأيه بأسلوب الحشد الفكري والعاطفي الذي أرى ممارسته من كرام فاتتهم فيه الحكمة..

سالم الغامدي

مقالات ذات صلة

‫3 تعليقات

  1. كلام لا محل له من الاعراب ، ما تحاول ان تتفاداه وتدافع عنه هو بالضبط ما يحصل على ارض الواقع …

    اليوم فتاة تدخل السوق من دون عباية وتتحدى رجل الهيئة وتقول مالك دخل .

    وابق انت وشاكلتك تنعق بما لا تسمع والمجتمع في حالة نسأل الله له السلامة، حسبنا الله ونعم الوكيل..

  2. كلامك فيه الواقع ويه غير الواقع انا بسألك هل تتحمل يوم القيامه ما قديحصل من محذورات ومنكرات كانت قبل محاربه من الهيئة .قبل التنظيم لاعمال الهيئه وتحاج عنها امام الله ابارك لك بما تقول

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى