يعد الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ؛ من الشعائر الإسلامية التي تسود بها الفضائل، وتقل بسببها الرذائل، وهو من أفضل القربات عند الخالق سبحانه وتعالى، والذي فيه حماية للدين من دعاة الانحراف، وأبواق الضلال، كما أن فيه صيانة للمجتمع من تعديات أهل الأهواء ، وأصحاب السوء والضياع.
وهو من أعظم سبل النجاة من عذابي الدنيا والآخرة، ومن أسباب وقوع الرحمة والصلاح ، والفوز والفلاح ، والتوفيق والنجاح، والذي به كانت لنا الخيرية والأفضلية على بقية الأمم ، قال الله تعالى: { كُنتُم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر} .
لكن إهمال العمل بهذه الشعيرة العظيمة؛ يمنع الفرد من إجابة الدعاء ، ويؤدي إلى سخط الخالق سبحانه وتعالى، الذي يوقع عقابه على الصالح والطالح؛ إذا كثر الخبث، وزادت المنكرات، وتهاون الناس في بذل النصيحة والمناصحة، قال عليه الصلاة والسلام: (إن الناس إذا رأوا المنكر فلم يغيروه أوشك أن يعمهم الله بعقابه).
كذلك فإن التهاون في هذه الفريضة؛ يحوّل المجتمع إلى فرق مختلفة، وطوائف متنازعة، يكثر بين أفرادها التهتك والخصام، والخلاعة والفساد، كما ينتشر بينهم الجهل والظلام، وتكون المعاصي سهلة بسيطة ، ويسيرة ميسرة.
إننا ـ ولله الحمد والمنة ـ نتميز في بلادنا عن سائر البلدان بهذا العمل المحمود، والمشروع الممدوح، الذي خصص له جهازاً حكومياً متفرغاً لذلك ، وهو: هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، والتي يزيد عمرها عن سبعين عاما ، باذلة جهدها في حماية العقيدة الإسلامية من شوائب البدع والشركيات، والسحر والخرافات ، وساعية إلى صيانة المجتمع من مروجي الخمور، ومتعاطي المسكرات والمخدرات.
كما انفردت الهيئة بمنع الشذوذ والرذيلة، وحالات التبرج والمعاكسات والخلوة المحرمة ، واعتنت بمعالجة عقوق الأبناء، وهروب الفتيات من أسرهن ، وقضايا الابتزاز والبغاء، ناهيك عن حالات التخلف عن الصلاة ، وغيرها من المخالفات الشرعية المنوطة بمتابعتها، والمتظافرة مع الجهات الحكومية الأخرى، فكان الواجب علينا شكرها ودعمها، والوقوف مع أبطالها، وزيادة صلاحياتها.
لكننا بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر، عام 2001م ؛ نواجه حملة ظالمة من المنافقين المفسِدين ؛ الذين سلطوا أقلامهم وألسنتهم للنيل منها، ومن القائمين عليها، وعمدوا إلى تضخيم أخطائها، وتشويه صورتها، والمطالبة بإلغائها، وصدق الله تعالى:{ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ}.
ومهما يكن من أمر؛ فيه تحجيم لعملها ، أو تنقيص لدورها ومهامها؛ فإن أبواب النصيحة ولله الحمد مشرعة، ونوافذها مفتوحة، وسوف يستمر منهج الهيئة محفوظاً منصوراً، وقائماً إلى قيام الساعة، فالقمر لا ينطفئ نوره ، وإن تعرض للكسوف، والجبل لا تهزه الرياح؛ وإن طالت ، أو اشتدت.
وإن كل مؤمن مخلص؛ هو عضو هيئة، ورجل حسبة، يحمي سفينتنا من كل سفيه أرعن؛ يريد خرقها ليغرقها، فينتهج الحسبة والنصيحة بما يفهمه ويعلمه، وبما يقدر فيه، ويستطيع عليه ، سواء في ليل أو في نهار، خفية وجهاراً، سراً وعلانية، وبأي وسيلة حسنة، وطريقة ممكنة، قال الله تعالى:{ المؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف و ينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله أولئك سيرحمهم الله إن الله عزيز حكيم} .
د.عبدالله سافر الغامدي ـ جده