منطق الطير: “يجب أن تكون جيدا في أحد الأمرين: إلقاء البذور في الربيع أو التسول في الخريف”- جيم رون
ليس ما أعنيه في هذا المقال ذلك التسول المادي في الفضاءات التواصلية والذي وصل حد التغابي بانتحال أصحابه لأسماء شخصيات (خصوصًا من الجنس اللطيف)!! لا يمكن لها في كل الظروف وأحلكها اللجوء إلى فعل التسول، ولا إلى تلك الأساليب السمجة البالية والتي باتت لا تستجلب التعاطف أو التعاضد؛ وإنما ظاهرة التسول المعنوي من خلال التدثر بالأقوال والشخصيات التاريخية والأحداث ومآسي الناس والصور والفيديوهات وغيرها لاستدرار التضامن واستجداء المواقف!!.
وإن تجاوزنا تسول الإعجاب (Like) من خلال الاستغلال المهين والتوظيف البرغماتي لآيات الذكر الحكيم أو الأحاديث النبوية الشريفة أو مقولات الصالحين، فإن من المزعج حقًا وغير الأخلاقي نشر فديوهات وصور المآسي الشخصية والعامة، في تجاوز لحرمة الأشخاص وضرورة موافقتهم، دون تعمد أو تعمد التشهير بأصحابها، وهم في ذلك الوضع المأساوي والمهين، خصوصًا أن الواقع يثبت في حالات عديدة أن ذلك التصرف لا يخدم القضية بقدر ما يزيد من عذابات ضحاياها.
إن ذاك الفعل لم يقتصر على شريحة واسعة ممن يتعاطون التفاعل في هذه الفضاءات والتسكع بين عوالمها ممن يفتقرون الرزانة والوعي، بل امتد لشرائح توسم بانضوائها في دوائر التفكر والثقافة والوعي!!، والبعض منهم له المعرفة الكافية بحكم الاطلاع أو التجارب أو التخصص بتجريم تلك التصرفات والأفعال، ومنافاتها لقيم النخوة والشهامة، وإدراك مخاطرها المتعددة (الجسدية/ النفسية…) على الضحايا، الآنية والمستقبلية، مما يضعهم دون تردد في دائرة الاستهتار والتجريم.
إن صناعة النجومية الحقيقية، ومن باب (حسن الظن) الانتصار لآهات المكلومين، وعذابات الأبرياء وللقضايا العادلة لم يكن يومًا ولا يجب أن يكون، ولن يتأتى على حساب الضمير والإنسانية، والأخلاق والمبادئ؛ كما أنه ليس عملاً آنيًا وعلى كرسي التلهي والتفرج واستغلال معانات الآخرين، وانفصامًا فظيعًا في الممارسة الحياتية، إنما بالإخلاص لله، والعمل الصادق والدؤوب، وإحقاقًا لإنسانية الذات، في تعفف عن المتاجرة وتنكر للمصالح الذاتية والشهرة الزائفة.
خبر الهدهد: نحن و”الآخر”!!!
عبدالحق الطيب هقي
في صميم مرارة هذا الواقع هناك من وجد لنفسه الحق في غمر الملح على جراح الخلق غير أنه و عمق الجراح نفسها لم نجد من الأقلام العربية من تكلمت في هذا الموضوع المضجر بالنزف المتخلف. ..شكرا على هذا الذهاب الحميد إلى صدق المسعى و نبل الضمير