المقالات

تدرّب مع الرسول

هاهو شعبان طلّ علينا مبشرًا لما بعده، وهاهي الأيّام نحدوها بالآمال وتحدونا بالترقّب .. وهاهي حلبة السّباق تحمل “ثلاثين” فاصلًا، إن وصلنا لبداية مرحلة السباق الحقيقي .

* سؤال أطرحه قبل الحديث عن الدورة: – لماذا كان الرسول -صلى الله عليه وسلم- يصوم شهر شعبان أكثر من صيام غيره من الأشهر، عدا رمضان؟! حيث قالت عائشة رضي الله عنها: “……، وما رأيت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم استكمل صيام شهرٍ قطّ إلا رمضان، وما رأيته في شهرٍ أكثر منه صيامًا شعبان” متّفق عليه.

*التدريب: إنّه التدريب، التدريب المستمر الجاد، المفعم بالحرص على تحقيق الجودة النوعية.

* حينما ننظر في حال “الرياضي”، نجده يحرص على التدريب قبل خوض رياضته -أيّا كان نوعها- ويقوم بالتدريب تلو التدريب دون كللٍ أو ملل… وكذا حال الخطيب، إذْ يتدرب قبل إلقاء خطبته.. وهكذا الشاعر قبل إلقاء قصائده..

* ميادين السّباق الشاسعة الواسعة المتعدّدة، سواء كانت تحوي “العاديات”، أو أشهر وأحدث وأعتى وأقوى “السيّارات”، فإنّها تشهد تدريبًا مستمرّا يحرص في مقوماته على أن يحوز المتنافسون فيه على المقدّمة.

* نحن في سباق نحو خطّ البداية الحقيقي، حينما يعلن الهلال مولد شهر فضيل كلّنا نترقّبه، وندعو الله بعمق أن نبلغه ومن نحب.. – أفلا يحتاج منّا هذا السباق إلى تدريب؟! – أفلا نحتاج إلى دورة مكثّفة قبل أن يحلّ علينا الضيف الكريم؟! بلى… ولذلك – في اعتقادي – كان رسول الله صلى الله عليه وسلّم يصوم شهر شعبان لدرجةٍ شبه كاملة، وفضلًا عن التعبّد لله الذي كان يحرص عليه – بأبي هو وأمّي ونفسي وكلّ ماأملك- فإنّه كان يقوم بتهيئة نفسية له ولمن حوله كيما يأتي شهر رمضان وقد اكتملت الاستعدادات النفسية والروحية لاستقباله خير استقبال. كان صلى الله عليه وسلّم يرسم خُطى لأمّته، وسنةً يمضون عليها في حياتهم.

* هل تستطيع أن تقوم بتلك الدورة؟ – بلى تستطيع أن تقوم بدورة تدريبية متميّزة، تهيئ فيها نفسك من جميع النواحي، وما أن يأتي شهر رمضان، أسأل الله أن يبلّغنا وإيّاك هذا الشهر الفضيل، إلا وأنت في كامل استعدادك للانطلاق في سباق حقيقي نحو الجنان. سباق تغشاه الرحمة في أوله، والرحمة في أوسطه، والعتق من النار في أواخره .

* مقوّمات الدورة: كلّ ماعليك فعله هو: – أن تقوم بصيام الأيام البيض من الشهر، والاثنين والخميس، وإن فاتتك الأيام البيض، فأفضل الصيام هو صيام داود عليه السلام، حيث كان يصوم يومًا ويفطر يوم، فافعل مثله، استعدادًا لشهر الصيام. – أن تتصدّق ولو بالنزر اليسير، استعدادًا لشهر الصدقات والبرّ والإحسان. – أن تقرأ من القرآن ماتيسّر، وإن كان نصف جزء، فلماّ يأتي شهر القرآن، تضاعف هذا القدْر أضعافًا، والله يؤتي فضله من يشاء. – أن تقوم الليل ولو بركعات لاتتجاوز الثلاث، استعدادًا لشهر التراويح والقيام. – أن تحرص على التواصل الأُسري، وتصل رحمك بما تستطيع، استعدادًا لشهر الصلة والتواصل.

* إنّها خطواتٌ بسيطة جدا، بمقدور أي شخص مسلم حريص على استقبال الضيف الكريم استقبالاً يليق به أن يقوم بها. وإن فاتك أن تقوم بها جميعًا، فليس أقل من أن تقوم بخطوة تدريبية واحدة. أما إن قمت بها جميعا فأنا أضمن لك -بإذن الله- شهرًا مليئًا بالروحانيات والعبادة المتميّزة الّتي لايشبهها أي عام مضى. كيف لا وأنت قد التحقت بدورة تدريبية متميّزة؟! ولا أظنك ستجعل هذه الدورة تفوتك. .

حامد العباسي

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى