لُجة الأيقونات
منطق الطير: “أولئك الذين ينكرون الحرية للآخرين، هم أنفسهم لا يستحقونها”- أبراهام لينكولن
إن المتابع لكثير من ردود الأفعال الشعبية العربية على الشبكات التواصلية والفضاءات التفاعلية عقب انتخاب المواطن البريطاني المسلم من أصل باكستاني “صادق خان” عمدةً جديدًا لعاصمة الضباب (لندن) ليدرك حجم عُقدنا وفضاعة أزماتنا!!، واستشكالات الهُوية والتعامل مع الآخر!!؛ وهو يُعبر في وجوه أخرى عن مدى وجعنا وإحباطنا من المآلات التي وصلنا إليها في أوطاننا، نتيجة السقوط في خطاب بروباجندي-إقصائي، ضَيق من دائرة “الأنا” ووسع من دائرة الآخر.
لقد وقع البعض نتيجة تلك الصدمة الحضارية في مأزق الازدواجية، فبينما تهللت أساريرهم لذلك الفوز المعزز لخطابهم الأيدلوجي، بدا تشنجهم في مواجهة السؤال المحرج عن مكان (الآخر) في منظومة ذلك الخطاب!، بل بدا مستفزًا لحد الإغراق في الإحراج بحثًا عن مكانة (الأنا المختلف)!! ومدى سلامته من الإقصاء المبرمج!!، فيما تورط البعض الآخر في قراءة ساذجة للمشهد كرد فعل استباقي لعدم السقوط في تلك الازدواجية، برفض تلك الحالة بمبررات تبدو غير عقلانية ومنطقية.
إن الأخطر من كل ذلك هو استدعاء ذلك الصراع الداخلي الخفي لإسقاطه في مشهدنا الممزق أصلاً، فتداعت أزمة خطابنا المذهبي وخطابنا الأيدلوجي!!، فبدت مجموعة من الأسئلة المضطربة القلقة، ومجموعة من التجاذبات التي لا مبرر لها، متجاوزين بذلك تحولنا بقدرة قادر إلى ملكيين أكثر من الملك –كما يقال-!!، والوقوع في فعل نبش ذاكرتنا المتخمة بالصراعات والفتن، فغدا من الحمق القفز عن استثمار تلك التجربة من خلال القراءة السلمية والمنهجية في تخطي أزمة الراهن، حتى لا نتفاءل بالقول في التأسيس لسلوك المستقبل.
لا شك أننا نعاني من مشكلات مفاهيمية مزمنة أعمق من تلك المشكلات الإجرائية الوقتية، فأزمتنا لا تقف عند التساؤل عن موقع وهامش حضور (الآخر) في منظوماتنا المختلفة، ومشتركات التعايش، وإنما تمتد إلى حيرة تعريف (الآخر)!!، لتمتد مع تراكمات التجارب والخيبات إلى مأزق (الأنا)؛ فمن الطبيعي أن تضيق أفق الذات كلما انحسرت دوافع الإنسانية على حساب مبررات الأيدلوجية، ونمت أعشاب التعصب والكراهية بديلاً لفسائل وزهور التسامح والمحبة.
خبر الهدهد: روح النكتة
عبد الحق هقي