هل واجهتك مرة صعوبة الحديث أو التعبير عن نفسك أو المشاركة حول موضوع معين ؟! نعم تواجهنا جميعًا مثل هذه المواقف واللحظات المحرجة. فأنت تجلس وسط مجموعة من الناس أو في حفل عام أو خاص ويكون الحديث أو النقاش الدائر مما يلذ لك أو يعجبك فتحاول أن تدلي بدلوك بعد أن اختمرت الفكرة في ذهنك أو لمعت في رأسك معلومة أردت أن تشارك بها في الحوار؟! ولكنك تفاجأ أن صوتك محبوس وأن الكلمات التي تريد أن تقولها كأنما تأتي من وادٍ سحيق. .وتتلعثم الحروف وتتوقف على طرف لسانك. . فأنت عاجز عن الكلام والتعبير عن نفسك أو هكذا يُخيل إليك ..
هذه التجربة القاسية في العجز عن التعبير عن الذات كثيرًا مانصاب بها في مواقف نحن مانكون أحوج إليها للتعبير عن ذواتنا أو أن نعبر عن بعض مشاعرنا وأحاسيسنا تجاه الآخرين الذين ينتظرون منا بعض الكلمات الدالة على هذه المشاعر. .وقد يكون لدينا الكثير مما نود أن نقوله ونتحدث به ..وربما نكون قد يكون لدينا الكثير من الكلمات التي تعبنا في صياغتها وحفظها. .ورتبنا المواقف التي يجب أن تقال فيها ولكن في الوقت المناسب نعجز تماما عن الإفضاء بها لمن نرغب، بل إننا قد نقول أحيانا كلاما يناقض مانخبئه في نفوسنا ومعاكسًا لما كنا نود التعبير به أو نقصده. !!.
لقد درس علماء النفس أسباب هذا العجز في التعبير عن الذات أو عدم القدرة على التعبير. .فوجدوا أن السبب الرئيسي هو الخوف الكامن في أعماقنا ألا يكون لكلامنا قيمة لدى الآخرين أو ألا يكون من نتحاور معهم في مستوى من الإدراك والوعي بحيث يتقبلون مانقول بدون مقاطعة أو تعليق ساخر يقلل من قيمة مانقول. .والحقيقة أن هناك أنواع من الناس لديها قدرة عجيبة على مقاطعة الآخرين وعدم الإنصات لآرائهم. .فما أن يبدأ إنسان ما بالحديث والتعبير عن رأيه في قضية أو موضوع معين حتى يبادرونه مقاطعين .. أو مصححين أو معلقين أو مسفهين. .مما يكون له تأثيره السيئ لدى المتحدث الذي يفقد سيطرته على الحديث كما يفقد سيطرته على ترتيب أفكاره وتشتيت المعلومات التي لديه، بل إن البعض من الناس قد يفقد الإنسان سيطرته على نفسه فيتحول إلى شخص عدواني في الرد على مايطرحه هذا الإنسان المقاطع من كلام. ويتحول الحوار إلى حرب كلامية المنتصر فيها هو الشخص القادر على أن يكون صاحب الصوت العالي.
ومن هنا تتحول الكثير من مجالسنا العامة والخاصة إلى صخب وضجيج عندما يدور فيها حوار حول قضية معينة. فتضيع الفكرة وتتشوه المعاني؛ وذلك بسبب عدم قدرتنا على فهم معنى الحوار دون تسفيه لما يقوله البعض أو السخرية لما يطرح من أفكار. ويتحول الحديث والنقاش الهادف إلى جدل وشجار لانهاية له. .ومن هنا ينشأ لدى البعض منا الخوف من التعبير عما في صدورنا ويفضل البعض من الصمت باعتبار أنه خير وسيلة للخلاص من سخرية الآخرين؛ فهلا تعلمنا معنى أدب الحوار الذي يعني النقاش الهادئ والاستماع الجيد لوجهات نظر الآخرين وعدم مقاطعتهم أو الانتظار حتى ينتهوا مما يريدون طرحه وقوله، ومن ثم التعبير عن وجهة نظرنا مهما كانت تختلف عن وجهات نظر الآخرين. إنه مجرد سؤال
عبدالعزيز التميمي