(مكة) – نهى عزام
تتعامد الشمس، يوم الجمعة القادم، في منتصف النهار فوق الكعبة مباشرة، فتتعامد عليها لحظتها، وتختفي ظلالها للحظات، وتكون لحظة عالمية يمكن من خلالها تحديد اتجاه القبلة بدقة. وقال الباحث الفلكي ملهم هندي إن تعامد الشمس على الكعبة ظاهرة فلكية تتكرَّر مرتين سنويًّا خلال حركة الشمس بين الصيف والشتاء، ويصادف الجمعة المقبل 20 شعبان في تمام الساعة 9:18 بالتوقيت العالمي 12:18 ظهرًا بتوقيت مكة المكرمة، أي لحظة أذان صلاة الجمعة بمكة، حيث تكون الشمس لحظتها مرتفعة بمقدار 90 درجة عن أفق مكة. وتأتي هذه الظاهرة ضمن الرحلة الظاهرية للشمس السنوية بين مدارَي الجدي والسرطان؛ لتكون متعامدة على المدن التي تقع بين هذين الخطَّين مرتين سنويًّا، مرة في رحلة الصيف ومرة في رحلة الشتاء، حيث إن مدار الجدْي يُحدَّد عند خط عرض – 23.5 جنوب خط الاستواء ومدار السرطان عند خط عرض 23.5 شمال خط الاستواء. وتأتي هذه القيم بسبب ميلان محور الأرض على مدارها بنفس القيمة، وبما أن مكة المكرمة “شرَّفها الله” تقع على خط عرض 21 شمال خط الاستواء فتتعامد عليها الشمس مرتين أيضًا في 28 مايو و16 يوليو. وهذه السنة 2016 سنة كبيسة؛ لذلك تقدَّم موعد تعامد الشمس على الكعبة يومًا كاملًا بسبب إضافة يوم استثنائي في فبراير الماضي، ليكون موعدا تعامد الشمس على الكعبة هذا العام 27 مايو و15 يوليو. وتُمكِّن هذه الظاهرة الكونية، سكان المعمورة الذين يستطيعون مشاهدة الشمس لحظتها، وعبر أبسط الطرق وأسهلها من تحديد اتجاه القبلة بكل دِقة وسهولة، وذلك بأن يتجه الإنسان إلى الشمس ويضعها بين عينيه، فيكون متجهًا إلى القبلة بدقة 100%، ومنها يمكن معايرة القبلة والتأكد منها في أي مكان تكون فيه، وأما المدن القريبة من مكة نسبيًّا فسيجدون صعوبة في تحديد اتجاه الشمس؛ لأنها ستكون قريبة جدًّا من كبد السماء؛ لذلك يستطيعون تحديد القبلة عبر ظل الأشياء، أي لو وضعنا قلمًا قائمًا سيكون اتجاه القبلة عكس ظل القلم تمامًا، وتُعتبر هذه الطريقة من الطرق القديمة لتحديد القبلة، حيث تم استخدامها منذ القرن السادس الهجري.
واستخدمت هذه الظاهرة حديثًا لإقناع مسلمي شمال شرق الولايات المتحدة بأن القبلة شمال شرق، وليست جنوب شرق. كما استخدمت الحضارات القديمة هذه الظاهرة على كثير من معابدها، ولعل أشهرها عند الفراعنة بتعامد الشمس أفقيًّا على عرش رمسيس الثاني في يوم توليه المُلك 22 فبراير، ويوم مولده 22 أكتوبر.