(مكة) – متابعة
جدد المندوب السعودي لدى الأمم المتحدة عبدالله المعلمي إثارة إعجاب مواطنيه، بعد مبارزة جديدة تحت القبة العالمية، كانت هذه المرة مع المنظمة نفسها، استطاع في نهايتها إقناع رجال الأمين العام بان كي مون بحذف اسم «التحالف العربي» الذي تقوده بلاده من قائمة دينت بانتهاك حقوق الطفولة في اليمن.
وفي المجالس العامة ومواقع التواصل الاجتماعي، حاصر سعوديون المعلمي بعبارات التشجيع والإطراء والافتخار بأنه يمثلهم في منظمة، كشفت لهم عن معدنه، الذي قال إنه ورثه من والده الذي كان ضابطاً وأديباً في آن. فبينما كان طبيعياً أن يمارس السياسي مناوراته مع المناوئين، كان اللافت للسعوديين أن مواطنهم يستخدم مهاراته الأدبية على نحو جعلهم يصفونه بـ«المعلمي المعلم».
ولا ينكر المعلمي نفسه تأثير خطابه البياني، ليس على مواطنيه فقط، ولكن أيضاً في زملائه الديبلوماسيين، ليقول عن الأزمة الحالية: «إن المنطق والحجة والمعلومات كانت كفيلة بتصحيح قرار بان كي مون»، مشيراً إلى أن رفع اسم التحالف من القائمة نهائي ولا تراجع عنه من الأمم المتحدة، وأنه علم مسبقاً أنه لا أساس للادعاءات التي وردت في حق «التحالف العربي». بيد أنه في مناسبة نظمت له قبل نحو يومين من اندلاع الأزمة في المنطقة الشرقية، صارح الحضور بأن شواهده الشعرية في مجلس الأمن كانت ناجعة في إيصال مقصوده، حتى إن ديبلوماسياً غربياً ذرف الدموع على دمشق متأثراً برثاء المعلمي إياها، يوم أورد تحت قبة المجلس رائعة أحمد شوقي «سلاماً من صبا برَدَىْ أرقُّ.. ودمعٌ لا يُكفكَفُ يا دمشقُ»، ليكشف له الديبلوماسي الغربي عن أن الأبيات أثارت أشواقه يوم كان سفيراً لبلاده في سورية.
وكان سعوديون عبروا عن مشاعرهم في «تويتر» نحو المعلمي صراحة، وكتب محمد القدادي: «مندوب السعودية الدائم في الأمم المتحدة فارس همام قاد معركة شرسة، ليصحح قرار إدانة التحالف العربي، لا تنسوه»، فيما وصفه مشرف التمياط بـ«البطل» الذي «يبلي بلاء حسناً في جميع قضايا السعودية في الأمم المتحدة». بينما اعتبره سلطان النجار «شوكة للأعداء»، مؤكداً «رائع هذا الرجل، مفوه وصاحب حجة، شوكة في حلوق أعداء المملكة في مجلس الأمن، وإذا ظهر في الإعلام الغربي أسكتهم بالمنطق، فعلاً مميز».
وفي المناسبة الأخيرة التي أحياها المهندس عبدالله المعلمي في المنطقة الشرقية، كشف للجمهور الحاضرين عن أن الديبلوماسية كانت هوايته الأولى منذ الصغر، إلا أنه وجد نفسه بعيداً عنها، قبل أن تعيده إليها الأقدار نهاية المطاف، بعد مهمات عدة في النفط ومصانع الألومنيوم ومجلس الشورى وأمانة جدة.
وقال في اللقاء الذي نظمه نادي الشرقية الأدبي بعنوان: «منبر الأمم المتحدة بين الأدب والسياسة» إنه وجد الأدب والشعر «أبلغ في كثير من الأحيان، وأقدر على إيصال الرسالة من الكلمات الجوفاء المنمّقة التي لا تحمل مشاعر ولا أحاسيس ولا تخاطب الوجدان، مثلما أن ردود أفعال السفراء الحاضرين، حتى من لا يتقن العربية، كانت تُنبئ بأن مضمون الرسالة وروحها قد وصلا».
ولفت إلى أنه، وإن كانت سجالاته مع مندوب سورية لدى الأمم المتحدة الجعفري، هي التي أثارت الانتباه، فإن ردوده على السفير الإسرائيلي كانت أقسى وأكثر، مشيراً إلى أنه وجد في سفراء عرب سابقين مزجوا بين السياسة والأدب أسوة، «فعندما أصبحت مهمتي الرئيسة تستوجب إلقاء الخطابات وجدت أمامي تاريخاً حافلاً من الديبلوماسيين الأدباء بمختلف اللغات، من بينهم مندوب المملكة الدائم بين عامي 1963-1979 السفير جميل البارودي، وكذلك سفير قطر الأسبق بين عامي 1989-1992 الدكتور حسن النعمة، وكذلك من السفراء الأدباء في الأمم المتحدة كان سفير ليبيا الشاعر عبدالرحمن شلقم بين عامي 2009-2012، وسفير العراق الشاعر سمير الصميدعي بين عامي 2004-2006».