لُجة الأيقونات
منطق الطير: “حضارتنا تفخر بالآلات التي تفكر وتشك من الرجال الذين يحاولون التفكير”- هوارد جونز
****
بالنسبة لي على الأقل يبدو رمضان هذا العام خصوصًا في المادة المقدمة عبر “الميديا” الكلاسيكية منها أو الجديدة غير مختلف عما ألفته منذ غزو الفضائيات من حيث المضامين والقوالب؛ وإذْ كانت المسلسلات الدرامية والكوميدية تحاول كل عام أن تحاكي جزءً من الواقع والتطور الرهيب في الوسائل، من خلال حشو بعض المشاهد المجسدة لتلك التغيرات، حتى وإن بدت نشازًا ومن غير وظيفة موضوعية أو فنية، فإن المدهش حقًا هو في كَم البرامج التي لا تزال تجتر ذات الموضوعات والشخوص وحتى التفاصيل!!.
الأغرب أن أصحاب أفكار تلك البرامج ومعديها ومنتجيها وكثيرٌ من متفرجيها –خاصة الموسومة بالدينية-يدركون أن المادة المقدمة –بغض النظر عن مضامينها وفاعليتها- هي مادة مكررة لا تضيف جديدًا، أضحت معلومة لدى الصغير قبل الكبير، متوافرة بلمسة؛ بل أنها وبفضل (الشيخ غوغل) متاحة بتفاصيلها واختلافاتها، والتي عادةً ما يحاول أصحاب الفكر “الواحد والموجه” حجبها عن عقل المتصفح والمستمع والمتفرج والمتابع خوفًا من رُوح النقد والسؤال، في محاولة يائسة وبائسة لاستغباء المتلقي.
لعل أهم معاني (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ) والتي غفل عنها كثيرٌ من الوعاظ -للأسف-، هي أن اختيار هذا الشهر الفضيل تحديدًا لتكريمه بنزول القرآن يدعو للتفكر والتأمل، وهو بلا شك لا ينحصر في غايات روحانية تعبدية، وإنما يمتد إلى أهداف عقلية معرفية، كون القرآن الكريم خطاب الرُوح والعقل في آن واحد، وهو منهج العاقلين والعارفين لخوض غمار الدنيا بزخرفها وفتنتها قبل بلوغ جنان الآخرة ونعيمها، ما يحتم تجديدًا في الخطاب “الرمضاني”.
إن التجديد في الخطاب “الرمضاني” لا يُقصد به تناول القضايا الإيمانية تحديدًا بأساليب حديثة تواكب عصر التقانة وتفاعلية وسائط الشبكات الاجتماعية فحسب، وتنويرًا موسميًا عابرًا ينقضي بانقضاء الشهر الفضيل؛ إنما إدراج التقانة ذاتها ضمن أولويات ومحددات ذالك الخطاب، إذْ يُصبح اللحاق بركب التكنولوجيا والانخراط في فاعليتها وديمومتها ضمن أعظم المقاصد وأجل المطالب للشريعة الإسلامية، فهي لا شك في هذا العصر عماد حفظ الدين والنفس والعقل والنسل والمال…، وكل عام وأنتم في خير التقنية ونعيم التقانة…
خبر الهدهد: إخاء الوسائط ووسائط الأخوة.. –رمضان تقانة–
عبد الحق هقي