عرفت الأستاذ الدكتور سليمان السليم رحمه الله عندما كان وزيرا للتجارة والتموين وكنت صحفيا متعاونا مع جريدة الرياض وأعمل في الحصول على الأخبار وإجراء المقابلات الصحفية والتقارير الإعلامية وكان الدكتور سليمان أكاديميا حكيما عميقا في إدارته للوزارة .ولم يمنع صغر سني وكوني طالب في الجامعة أن أحظى بالدخول إلى مكتبه وإجراء الحوارات معه والإستفادة من بعد نظره وعلمه وحكمته.
كان رحمه الله مثالا يقتدى به في العمق والرؤية وإختيار المفدرات بعناية وكان جادا عمليا أعطى للوزارة هيبة وقيمة وأسهم في صدور الكثير من الأنظمة واللوائح في بلد يخطو في إولى درجات التنظيم الإداري والتطوير العملي. وكان من جيل التشكيل الوزاري الذي بدأ في عهد الملك خالد رحمه الله عام 1395وسميت حكومة التكنوقراط وضمت قامات في الأمانة والإخلاص والنزاهة مثل الدكتور غازي القصيبي والدكتور محمد عبده يماني والأستاذ محمد أبا الخيل والأستاذ محمد عمر توفيق والدكتور عبدالعزيز الخويطر والدكتورمحمد الملحم وغيرهم رحمهم الله . وتولى بعض هؤلاء توقيع مئات العقود بالمليارات وأشرفوا على مشاريع ولكنهم خرجوا من دنياهم بالسمعة الطيبة والنزاهة والعفة والكفاف والأخلاص والنقاء . وكان بإمكان الدكتور السليم وهو وزيرا للتجارة قرابة ال 21 عاما أن يكون مرنا في إدارته ويحقق مكاسب مالية كبيرة من وظيفته لكنه كان عفا قوي الشخصية مستقلا برؤاه محبا لوطنه بارا بقسمه ومثل هذه التجارب حريا بها الإقتداء والشكر والعرفان وإقامة الندوات واللقاءات العلمية عن تجربتها الرائعة .وأذكر أن معاليه قد فتح الوزارة على الرأي العام والإعلام وكنت كذلك أحظى بإستقبال جيد من وكيله أنذاك الرجل النبيل الدكتور عبدالرحمن الزامل.
إن الرجال معادن والدكتور سليمان من الرجال الأمناء الشرفاء ونحزن لواقع عالمنا العربي عندما يكون في مواقع مهمة أناس فسدة يسرقون المال العام ويبيحون لأنفسهم المشاركة في كسب المال بإي طريقة مستغلين الثقة ومبررين لأنفسهم الثراء الفاحش والإنتفاع من المنصب ذلك أنهم وجدوا أن من يستغل منصبه ويحقق الثراء ويكسب المال الحرام هو المقدر والذي يطوع الناس بماله وأساليبه الخبيثة أما صحي الضمير المنكر لذاته المخلص لوطنه فهو الساذج الذي يوصف بالغباء والطيبة لأنه لم يستفيد من منصبه لزيادة أرصدته لكن ضمير الدكتور السليم ومخافته لربه وحسه الوطني ونظرته للصالح العام هي التي جعلته ينام قرير العين مرتاح الفؤاد يجد الثناء والتقدير والدعاء ممن عرفه وعايش تجربته.
ولأننا في بلد الوفاء فلعل وزارة التعليم تسمي قاعات في جامعة الملك سعود وغيرها بأسمه وأن يكون هناك مركز أكاديمي للدراسات الاقتصادية والسياسية وأن يعكف باحثون لتأليف سلسلة كتب بعضها مناسب لطلاب التعليم العام والجامعي عن تجربته الثرة وبعضها علمية أكاديمية عن فكره ومنهجه وأسلوبه في الإدارة والتنظيم والقيادة .كما نأمل تسمية شوارع مناسبة في مختلف مدن المملكة بأسمه تقديرا لعطائه وجهده.
رحم الله الدكتور سليمان السليم وأسكنه فسيح جناته وإنا لله وإنا إليه راجعون.
د.سعود بن صالح المصيبيح