المدام قالت للشغالة (ياحمارة ماتعرفي تقلي ) الشغالة انقهرت، وقالت للمدام ( أوريكي كيف أعرف أقلي ) وكبت الزيت على بنت المدام، طفلة عمرها خمس سنوات مما استدعى تحويلها للمستشفى لتلقي العلاج. هذا الخبر تم تداوله بكثرة في نهاية العشر الأوائل من رمضان عبر وسائل التواصل الاجتماعي .. وهو خبر محزن ومؤسف في نفس الوقت، ندعو الله جل وعلا أن يشافي تلك الطفلة ويعيدها إلى أهلها بصحة وعافية ..
ما أريد أن أصل إليه في هذا الخبر، هو تعليق الطبيب المختص في علاج الحروق، والذي استقبل الطفلة وباشر علاجها، ثم ظهر في مقطع فيديو يشرح الحالة ويبين سبب تعرضها للحروق مسترسلا في إلقاء اللوم على والدتها !! ولو اكتفى بممارسة مهنته الطبية في تقديم العلاج للطفلة لكان خيرا له من الدخول فيما لا يعنيه .. حيث قام ذلك الطبيب بالحكم قطعيا على تحميل والدة الطفلة جريمة إحراق الطفلة، بل حمّل جميع الأمهات السعوديات مسؤولية مايقع على أطفالهن من اعتداء وجرائم الشغالات، مبررا ذلك بأن ماحدث لتلك الطفلة ولغيرها مما سبقها ومما سيلحقها هو من سوء معاملة نسائنا للشغالات !! هكذا حكم قطعي ضدنا وتبرير مطلق عن جرائم الشغالات ..
طبعا نحن جميعا ضد العنف وضد سوء المعاملة مع أي إنسان سواء شغالة أو غيرها، ولكن في ذات الوقت لا يمكن أن تستوعب عقولنا بأن عبارة (( يا حمارة ما تعرفي تقلي )) تستفز الشغالة وتجعلها تنتقم من الطفلة بهذا الشكل المتوحش !! فتلك العبارة التي اعتبرها الطبيب سببا كافيا ومبررا وافيا لإقدام الشغالة على جريمتها، هي عبارة تافهة وعادية نقولها أحيانا مازحين لأبنائنا وبناتنا وأصدقائنا !! وليس فيها ما يجعل الشغالة ترتكب جريمة بشعة بحق طفلة بريئة .. ولكنه الإجرام الخفي والعنف المتجذر في نفس تلك الشغالة، فهي إنسانة مجرمة ولم تكن تلك العبارة البسيطة التي وجهتها لها أم الطفلة إلا بمثابة دبوس صغير وقع على بالونة عنف وإجرام فانفجرت في وجه الطفلة وأحرقتها .. أعود وأكرر، كلنا ضد العنف وكلنا ننبذ سوء المعاملة، ولكن لا يجب علينا أن نقوم بجلد الذات كلما اعتدي علينا وعلى أسرنا وأطفالنا من قبل بعض العمالة المرضى نفسيا أو المجرمين، فبعضهم مع الأسف الشديد أصحاب سوابق إجرامية في بلدانهم، وحتى يتخلصوا منهم صدروهم لنا، فكان ماكان مع الطفلة ومع غيرها من السابقين ومن اللاحقين.
د . جرمان أحمد الشهري