لا نعرف الأسباب وراء إصرار المؤسسة العامة للتقاعد على السير وفق نهجها التقليدي المعتمد على صرف راتب التقاعد وفقا لسنوات العمل وراتب الموظف، دون النظر للتطورات المتسارعة التي تشهدها القطاعات الحكومية والأهلية، فالمؤسسة العامة للتقاعد والتي أنشئت تحت مسمى “مصلحة معاشات التقاعد ” عام ١٣٧٨هـ الموافق ١٩٥٨م ، لم تسع على مدى السنوات الماضية أو حتى الحالية لدراسة أوضاع المتقاعدين دراسة ميدانية واقعية، تتعرف من خلالها عما إذا كان مرتب الموظف المتقاعد يكفيه لسد احتياجاتهم اﻷساسية ، أم هو مجرد مبلغ يتقاضاه صباحا ويذهب ظهرا في سداد أقساط وديون وإيجار سكن. ورغم أن المؤسسة العامة للتقاعد سعت لدخول مجال الاستثمار العقاري والتجاري، وأصبحت مالكة ﻷبراج سكنية مميزة بعدة مدن لعل أبرزها أبراج منى، الا أن الموظف المتقاعد ظل في موقعه وبنفس مرتبه، فمن أحيل للتقاعد بمرتبه التقاعدي البالغ 4500 ريال، سيظل على هذا المرتب طوال سنوات حياته دون أي زيادة تذكر ، وقد يحصل ورثته على هذا المبلغ أو جزء منه ان كانوا مستحقين له، وقد لا يحصلون عليه، وفقا للنظام حتى وإن كانوا مستحقين لنصفه، فالنظام لم يراع هذا الجانب. أما إن كان من المرتشين أو المختلسين فإنه لن ينظرلمرتبه التقاعدي مهما بلغ، فما جناه طوال فترة عمله من مبالغ مالية جاءت من رشاوي أو اختلاسات فستكون كافية بتحويله إلى رجل أعمال يشار له بالبنان، دون أن يجرؤ أحد على سؤاله من أين لك هذا ياهذا ؟ أما الموظف الأمين المخلص والذي عانى شظف الحياة أثناء عمله فسيظل يعاني صعوبة الحياة حتى بعد تقاعده، فهل يكون جزاء المخلصين والشرفاء هذا بعد تقاعدهم ؟ أن ما نأمله من المؤسسة العامة للتقاعد والتي خرجت من إطار العمل اﻹداري إلى العمل التجاري أن تسارع للنظر نحو الموظفين المتقاعدين مدنيين كانوا أو عسكريين، وتسعى لوضع برامج مساعدة لهم وفاء لخدمتهم لدينهم ومليكهم ووطنهم بجد وإخلاص. فهل ستسعى المؤسسة العامة للتقاعد للتحول نحو الخصخصة خاصة وأنها تشكل أقوى مؤسسة ماليا ؟ أم ستظل ملتزمة بنهجها التقليدي ويظل الموظف المتقاعد يعاني شظف العيش في شبابه ورجولته وعجزه ؟
أحمد صالح حلبي