إذا كانت أعمار المسلمين تتراوح بين الستين والسبعين، وقليل من يجاوز ذلك العمر – كما أخبرنا النبي عليه الصلاة والسلام – إلا أن الله جل وعلا من رحمته وفضله اختص هذه الأمة ببركة الأعمار ومضاعفة الأجور والحسنات.
وإذا كانت أعمار بعض الأمم السابقة تبلغ مئات السنوات، إلا أن المسلم بما أكرمه به ربه بمواسم فاضلة وأعمال مضاعفة الأجر، يُبَارَك له في عمره ليصبح أضعافاً مضاعفة.
ومن هذه المواسم الفاضلة، العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك التي تقع فيها ليلة خير من عبادة ألف شهر كما قال تعالى: ( لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ) [القدر: 3].
فهي ليست ليلة واحدة فحسب، ولكنها تعدل عبادة ما يزيد على ألف شهر، أي ما يزيد على 83 سنة و4 أشهر، وميزة هذه الثلاث والثمانين سنة أو يزيد أنها عبادة صافية لا يستطيع من عاش مثلها أو حتى من بلغ المائة مهما بلغ اجتهاده وحرصه أن يأتي بمثلها؛ لأن عمره – لا شك – ستتخلله سنوات طفولة ونوم ولهو ونحو ذلك.
وهكذا فإن من أدرك ليلة القدر فقد أضاف إلى عمر عبادته ما يزيد على 83 سنة، فإذا أدرك على سبيل المثال 10 ليالي قدر في عشر سنوات، فقد فاق عمر عبادته 830 سنة، وإذا أدرك 20 ليلة قدر في 20 سنة فاق عمر عبادته 1600 سنة، فيكون بذلك قد بلغ من عمر العبادة ما لم يبلغه كثير من منسوبي الأمم السابقة؛ فما أعظمها من نعمة، وما أجله من فضل لمن وفقه الله لاغتنام نفحات الله في مواسمه الفاضلة المباركة!
وفي المقابل إن من فوّت هذه الفرصة الثمينة وهذه المنحة السخية من الله جل وعلا فقد استحق الشقاء والعذاب، واستوجب الدعاء عليه، وباء بغضب الله وسخطه إن لم يتغمده الله برحمته وعفوه. وفي الحديث: (فيه ليلةٌ خير من ألف شهر، مَن حُرم خيرها فقد حُرم). رواه أحمد. وفي حديث: (وَرَغِمَ أَنْفُ رَجُلٍ دَخَلَ عَلَيْهِ رَمَضَانُ ثُمَّ انْسَلَخَ قَبْلَ أَنْ يُغْفَرَ لَهُ) رواه الترمذي.
علي صالح طمبل