في كل عام وقبل دخول شهر رمضان المبارك ندعو المولى عز وجل: أن يبلغنا رمضان، وما إن يرزقنا الله بلوغ هذا الشهر المبارك حتى تنشرح سرائرنا، وترتاح نفوسنا، وكأننا نتمنى تلك اللحظات العامرة بالإيمان منذ أعوام، وليس مما يقرب من أحد عشر شهرا، ونجد في الجانب الآخر تلك النصائح عبر وسائل التواصل الاجتماعي تنهال علينا من كل حدب وصوب ترشدنا إلى الطريقة المقترحة للقيام بالطاعات من صلاة .. وذكر .. وقراءة القرآن الكريم .. وإعطاء الصدقات لمن يستحقها .. وغير ذلك، وهذاشيء جميل ، ونعده بابا من أبواب التواصي بالخير، والمساهمة الطيبة في القيام بالطاعات والدال على الخير كفاعله، وهناك البعض من أفراد المجتمع لا يحبذ أخذ النصيحة من خلال الواتساب أوغيره؛ لخشيته من وجود خطأ في النقل، أو عدم صحة بعض الأحاديث المرسلة. يقول أحد المعترضين على ذلك: لا أحب أن أتعلم أمور ديني من خلال وسائل التواصل المتنوعة، وأعرف جيدا من أين أتزود بكل ما أحتاجه من أحكام شرعية.
إجمالا: الشخص العاقل يعرف جيدا الطريق الصحيح.. لتلمس ما ينبغي عليه عمله من واجبات وأوامر دينية، وتجنب النواهي والمحرمات بعد أن يسأل بالطبع أهل الذكر والمختصين في علوم الدين، قال المولى عز وجل في محكم التنزيل ((فأسألوا أهل الذكر إذكنتم لاتعلمون))، وليحرص جيدا وخاصة في هذا الوقت..وقت اختلاط الحابل بالنابل فمن يشك في الأعلام الخالدة والرموز من خير القرون والذين قال فيهم رسول الله( (لا تسبوا أصحابي))،وغيره من الشبهات المضللة، فيأتي بكلام ليس له أي اعتبار حقيقي في المنهج القويم ،ونأخذ منه الرأي والفكرة ونستضيفه في هذا الشهر المبارك بيننا بحجة تنوَُر فكره وتوسع مداركه، وفعلا (الطيور على أشكالهاتقع)،ونترك أهل العلم من علماء وطلبة علم ممن صفت مشاربهم، وزانت مداركهم، ونهلوا من عظيم الكتب في بلاد الحرمين الشريفين.
وعودا على بدء.. بعضنا يتحسر على إنقضاء هذا الشهر الفضيل لما وجد فيه من لذة العبادة، ففضائله جمة وخيراته عدة، والناس تتسارع ووتنافس في المعروف والإحسان، وهذا الندم ليس هو الندم الحقيقي، ولكن الندم الحقيقي هو فوات العمر بلا طاعة، فالعمر يذهب،ويبقى (رمضان)، تتعاقبه أقوام بعد أقوام حتى يرث الله الأرض ومن عليها. فمن يعبد الله تعالى في(رمضان) ويتناسى ذلك في بقية العام،فكأنه من عباد (رمضان) والعياذ بالله، ولا أعتقد أن هناك من يرضى من المسلمين أن تكون همته وعزيمته في شهر واحد من دون الشهور، فمن فضل الله علينا وكرمه بأن جعل عبادته طيلة العام، بل طيلة العمر من لحظة الإدراك والفهم حتى يأتي اليقين، وكل رمضان والجميع بخير وعافية.
الله يجزاك خير وينفع بعلمك…
كلام جميل ورائع من كاتب أروع
حفظكم الله وزادكم علماً وحلماً.