عبدالرحمن الأحمدي

عيدٌ نستأذن فيه الأحزان

سماع أذان فجر جديد ومشهود والذي فيه من الكلمات التي تأخذك إلى أطياف حالمة من السكينة والاطمئنان، فيه من الكلمات التي تذكرنا بالجمال والصفاء، والكمال والنقاء، فيه نفس الألفاظ التي نطق بها ذلك الصوت الندي: “بلال”،والصوت الشَّدي:”ابن أم مكتوم”. مِن مؤذن تطول عنقه عن بقية الأعناق شرفا وفخراومكانة في يوم معلوم،في يوم مأمول يستبشر به المحبون بلقاء ليس له نظير..في لقاءلم يتخيله عقل بشر..ولم يتصوره فكرأي إنسان أبدا. أذانُ ما بين: لحظة الاستيعاب برحيل سيد الشهور، شهر الرحمة والمغفرة والعتق من النيران..وما بين دهشة الاستغراب لسرعة تداول الأيام والشهور بيننا،في سرعة ملامحها مرتبطة بزمن لاحت تفاصيله،وأبدع من قال شعرا:”هي الأموركما شاهدتها دول..”، ولكن هي الأوضاع هكذافي حياة ذات أسفار متنقلة،ومؤقتة حتى يطيب لنا الخلود الدائم بعد أن تطيب نفوسنا،ونلتقى هناك بمن نحب، وننسى ماكان يؤلمنا، وننسى ما كان يتعبنا. فاللقاءوبرحمته سبحانه سيُنسينا أي كدر كان، ويُنسينا بإذنه تعالى(ولقد خلقنا الإنسان في كبد)، وأصلا ليس هناك أي استعداد لتذكر الشقاء والعناء..!! فما أُعد لنا سيُذهل القلب ويشوق العين ويمتع السمع! بل يتجاوز كلَّ التصورات، ويقفز فوق كلِّ خيالات العقل. وتُطوى به حماقات المرجفين، وتأويلات المنكرين.

وهنا الآن في دنيانا الحالية بداية شهر تحيطه الفرحة في ثنايا طلائع وقته،وهو عيد بهجة نراه في أعين الصغار،تُطل السعادة عليهم من كل جانب، فرحة بالرداء الجديد والوشاح .. فرحة بالعطر الجميل الفواح..فرحة بانتظارما تجود به الأنفس عند أول لقاء متلَّهف مع من يحبونهم بأُنس وارتياح ، وهناك قد يتحامل أصحاب الوقار على بعض أحداثهم الحياتية، ويظهروا أفراحهم من أعماق المعاناة، فكل عيد جديد يمر بنا نسأل أنفسنا”بأي حال عدت ياعيد..؟”،نعرف الإجابةمسبقا،ونتناساها حتى لا نُزعج أطفالنا أحبابنا فلذات أكبادنا..حتى لا نتعب خواطرنا..ونريح البال من أكدارحياتنا.. حتى نتفاءل وهو الأهم لنا، بأن غداسيكون أجمل.. بأن في عتمة الظلمة هناك ثغرات نور وضَّاءةوساطعة،بأن ما يكون اليوم لن يدوم غداطالما الأمل موجود.. ذلك الأمل المحاط بالإيمان الصادق على الرغم من إزعاجات من يتَّبع الشهوات بقصد الفتنة بعدأن أطبق عليهم الافتتان بأسواره الشائكة،وظنونه البائسة.

ندعوك مولانا أن يكون هذا العيد آخر عيد نستأذن فيه أحزاننا.. وآخر عيد نودع فيه أتراحنا.فهناك جروح متناثرة على رحاب فضاءتنا،لانود حقا أن تدوم، ولا نود أن تطول، ونعي جيدا أن البشرى قادمة لا محالة، وأن السعادة سترفرف فوق سمائنا الماطرة، وأن أيامنا السعيدة ستعود، ولن يبقى للحزن أي وجود بيننا،وهي فرحة جميلة للمسلم في عيد فطره المبارك، وهذا تفاؤلنا في الحياة عمومًا.. وهذا ما أوصانا به الحبيب محمد صل الله عليه وسلم، فقد كان على قسوة الظروف وشدتها .. وعلى قدر تنوع الأحوال وألمها، يحب الفأل الحسن.عيد سعيد بقدر سعادة نفوسكم، وطُهْر قلوبكم، عيد سعيد يجمع كلَّ محبي الخير والسلام.. وينتقي أجمل الورود لينثر عبيرها في أجواء من الفرح والسرور، ولا زلنا نذكر أيام عيد خاوية .. فيها أنشودة العيد العتيقة التي كنا نحفظها ونرددها جيدا: “من العايدين إن شاء الله..ومن الفائزين إن شاءالله”..دامت بحب أفراحكم.

عبدالرحمن عبدالقادر الأحمدي

مقالات ذات صلة

‫2 تعليقات

  1. ولك أيضآ كاتبنا الفاضل عيد سعيد يزيد محياك نوراً و قلبك فرحاً ونفسك امناً . وكل عام وانتم بخير .

  2. نسأل الله أن يديم علينا نعمة الأمن في بلادنا.وان يرحم الشهداء الذين ماتوا وهم يدافعون عن وطنهم ودينهم .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى